الثاني الفرق بين المشتق ومبدئه مفهوما ، أنه بمفهومه لا يأبى عن الحمل على ما تلبس بالمبدإ ، ولا يعصي عن الجري عليه ، لما هما عليه من نحو من الاتحاد ، بخلاف المبدأ ، فإنه بمعناه يأبى عن ذلك ، بل إذا قيس ونسب إليه كان غيره ، لا هو هو ، وملاك الحمل والجري إنما هو نحو من الاتحاد والهوهوية (١) ، وإلى هذا يرجع ما ذكره أهل المعقول في الفرق
______________________________________________________
ما يؤول الى مفهوم الشيء والمبدأ ويلزم الانقلاب لو كانت حقيقته مركبة من مصداق الشيء والمبدأ ، فالظاهر ان النزاع في التركيب والبساطة انما هو في ناحية ذاته وحقيقته لا في وحدته التصورية وتركيبها.
(١) لما تقدم مختاره بما برهن عليه بخروج مفهوم الذات ومصداقها عن المشتق فلم يبق في المشتق سوى المبدأ.
فتوجه السؤال : بانه أي فرق حينئذ بين المشتق والمبدأ. فعقد هذا الامر لبيان وجه الفرق ، لأن الفرق بين المشتق ومبدئه مما لا يمكن انكاره ، فان المبدأ لا يحمل على الذات ولا يصح حمله عليها الّا بالتاويل ، كرجل عدل ، والمشتق يصح حمله من غير تاويل بالبداهة ، فان العادل يحمل بالبداهة من غير تاويل على الرجل ، فيقال : هذا الرجل عادل.
وحاصل الفرق الذي ذكره : هو ان لحاظ اللابشرطية والبشرطلائية قد يلحظان بالنسبة الى ما هو خارج عن مفهوم الملحوظ ، كلحاظ الكفر بالنسبة الى الرقبة فان لحاظه خارج عن مفهوم الرقبة ، لانه لم يؤخذ الكفر في مفهوم الرقبة لا بنحو اللابشرطية ولا بنحو البشرطلائية ، بل لفظ الرقبة موضوع لماهية الرقبة بلحاظ ذاتها وذاتياتها من غير شيء آخر اصلا ، وانما تلحظ الرقبة بالنسبة الى الكفر في مقام الحكم عليها بالعتق ونحوه ، فتارة تؤخذ لا بشرط ، واخرى تؤخذ بشرط لا ، وربما تكون اللابشرطية والبشرطلائية مأخوذين في نفس المفهوم كمقامنا ، فان المبدأ اذا اخذ في صلب مفهومه الإباء عن الحمل : أي اخذ فيه كونه بشرط عدم الحمل وضع