ثالثها : إن من الواضح خروج الافعال والمصادر المزيد فيها عن حريم النزاع ، لكونها غير جارية على الذوات ، ضرورة أن المصادر المزيد فيها كالمجردة في الدلالة على ما يتصف به الذوات ويقوم بها كما لا يخفى ـ وإن الافعال إنما تدل على قيام المبادي بها قيام صدور أو حلول أو طلب فعلها أو تركها منها ، على اختلافها (١).
______________________________________________________
(١) قد تقدم ان محل النزاع : هو المشتقات الجارية على الذات المحمولة عليها بحمل المواطاة وبهذا القيد قد خرجت الافعال عن حريم النزاع ، إلا ان خروجها كان بالمفهوم العام. وفي هذا الامر تعرض لخروجها بمفاهيمها الخاصة وإنما نص على المصادر المزيد فيها دون المجردة ، لعدم توهم دخولها في المشتق ، فان المصادر المجردة عندهم مبدأ للمشتقات واصل ، فهي ليست من المشتقات ، بخلاف المصادر المزيد فيها ، فانها من المشتقات عندهم.
والحق ان المصادر المجردة ايضا من المشتقات ، فإن الفرق بين المشتق والمصدر هو كون المشتق مشتملا على مادة ونسبة ، بخلاف المصدر فإنه يشتمل على المادة فقط من دون أي نسبة ، لوضوح ان النسب ترد على ما لا نسبة فيه ، ولا يعقل ورود نسبة على نسبة ، فان الهيئة الواردة على المادة للدلالة على تشخصها بالنسبة هي كالصورة الواردة على المادة لاجل تحققها وكونها شيئا من الاشياء ، ولا يعقل ان ترد صورة على صورة ، فلا يعقل ان ترد نسبة على المادة المنتسبة.
وحيث انهم فرقوا بين المصدر والمبدأ : بان المصدر مشتمل على نسبة ناقصة بخلاف المبدأ فانه موضوع لنفس المادة التي لا نسبة لها اصلا ، وان الفرق بين المبدأ والمصدر كالفرق بين ملاحظة نفس العرض ، وبين ملاحظته بما هو عرض ، والاول هو المبدأ والثاني هو المصدر ، فالمصدر ـ حينئذ ـ يشتمل على نسبة ناقصة ، وكلما اشتمل على نسبة فهو مشتق من المشتقات.