الشبهات الحكمية من الاصول كما هو كذلك ، ضرورة انه لا وجه لالتزام الاستطراد في مثل هذه المهمات (١).
الأمر الثاني ـ الوضع : هو نحو اختصاص اللفظ بالمعنى وارتباط خاصّ بينهما ، ناشئ من تخصيصه به تارة ، ومن كثرة استعماله فيه أخرى. وبهذا المعنى صح تقسيمه الى التّعييني والتّعيّني ، كما لا يخفى (٢).
______________________________________________________
(١) لان الشبهات الحكمية : هي التي لا يرجع فيها الى الاصول العملية الّا بعد الفحص واليأس عن الدليل ، بخلاف الشبهات الموضوعية ، فان الرجوع الى الاصول فيها غير منوط بالفحص واليأس ، ولذلك كانت الشبهات الحكمية مما تختص بالمجتهد ، بخلاف الموضوعية ، فانها مما تعم المجتهد والمقلد ، ولذلك كانت الشبهات الحكمية مما يبحث عن المرجع فيها في علم الاصول ، دون الشبهات الموضوعية.
(٢) لا يخفى ان المحتملات في الوضع ثلاثة :
الاول : ان يكون امرا مباشريا للواضع ، وهو نفس اعتبار كون اللفظ حاكيا عن المعنى ووجودا تنزيليا له ، فيكون وجود اللفظ وجودا بالذات لنفسه ، ووجودا ثانويا وتنزيليا للمعنى ، وهذا أمر متقوم بنفس المعتبر. وعلى هذا فالوضع : هو تخصيص اللفظ بالمعنى.
الثاني : ما اختاره الماتن ، وهو كون الوضع : هو الاختصاص والارتباط بين اللفظ والمعنى سواء حصل الاختصاص من وضع الواضع وانشائه للوضع وتخصيصه اللفظ بالمعنى ، ام حصل من كثرة الاستعمال بحيث صار للفظ ارتباط خاص بالمعنى يوجب حضوره عند حضور اللفظ.
وبالمعنى الاول ، لا ينقسم الى التعييني والتعيني ، لانه اذا كان هو نفس اعتبار المعتبر لا يعقل ان يحصل من كثرة الاستعمال ، لانه يحتاج الى معتبر يعتبره ، وكثرة الاستعمال لا يقوم بها الاعتبار. نعم ، بالمعنى الثاني حيث انه نفس الارتباط والاختصاص ، فهو كما يحصل من اعتبار الواضع يحصل من كثرة الاستعمال ، ولذا