الثامن عشر ، المدلّس عمّن لم يره ، كالحجّاج بن أرطاة وذويه (١) ، كانوا يحدّثون عن أناس لم يروه ويدلّسون حتّى لا يعلم ذلك منهم.
قال أبو حاتم : حدّثني محمّد بن المنذر عن عمر بن شبّة عن زيد بن يحيى الأنماطي عن شعبة عن عمرو بن مرّة عن عبد الله بن أبي أوفى ـ الصحابي ـ قال : كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : أللهمّ صلّ على آل فلان ...
قال أبو حاتم : فحدّثت به الحجّاج بن أرطاة ، فقال : هذا أصل. ثمّ بعد مدّة سمعته يحدّث بذلك عن عمرو بن مرّة. فقلت : سمعته منه؟ قال : إذا حدّثتني به فلا أبالي أن لا أسمعه. وفي المحدّثين من على مثاله كثير.
قال ابن حبّان : كان أحمد بن عبد الله بن حكيم أبو عبد الرحمان الفرياناني المروزي ، يروي عن الثقات ما ليس من حديثهم وعن غير الأثبات ما لم يحدّثوا به (٢). وكان أحمد بن عبد الله بن ميسرة النهاوندي يأتي عن الثقات ما ليس من حديثهم ويسرق الحديث (٣).
التاسع عشر ، المبتدع إذا كان داعية يدعو الناس إلى بدعته حتّى صار إماما يقتدى به في بدعته ويرجع إليه في ضلالته. قال عبد الله بن يزيد المقري : سمعت رجلا من أهل البدع وقد رجع عن بدعته ، يقول : انظروا هذا الحديث ممّن تأخذون ، فإنّا كنّا إذا رأينا رأيا جعلنا له حديثا.
العشرون ، القصّاص والسّؤّال كانوا يضعون أحاديث هي أشبه بالأقاصيص الصبيانيّة ، استجلابا للعوامّ واستدرارا لما في أيديهم من نقود وحطام.
وقد أتينا على ذكر هؤلاء وأمثالهم في عرضنا لآفات التفسير من كتابنا «التفسير والمفسّرون» فلا نطيل.
قال أبو حاتم : فمن هاهنا وجب التفتيش والتنقير عن أصل كلّ رواية والبحث عن كلّ راو في
__________________
(١) هو : حجّاج بن أرطاة بن ثور النخعي أبو أرطاة الكوفي القاضي. يروي عن الزهري ومكحول ويحيى بن كثير ، ولم يسمع منهم ، قال العجلي : كان فقيها وكان أحد مفتيّ الكوفة ، وكان فيه تيه وكان يقول : أهلكني حبّ الشرف. وولّي قضاء البصرة. وإنّما يعيب الناس منه التدليس. وقال يعقوب بن شيبة. واهي الحديث ، في حديثه اضطراب كثير. وقال البزّار : كان حافظا مدلّسا وكان معجبا بنفسه. قالوا : كان فيه تيه لا يليق بأهل العلم. وقال إسماعيل القاضي : مضطرب الحديث لكثرة تدليسه. وقال محمّد بن نصر : الغالب على حديثه الإرسال والتدليس وتغيير الألفاظ. (تهذيب التهذيب ٢ : ١٩٨ / ٣٦٥). وقال الأصمعي : أوّل من ارتشى بالبصرة من القضاة ، حجّاج بن أرطاة. (ميزان الاعتدال ١ : ٤٥٩ / ١٧٢٦).
(٢) لسان الميزان ١ : ١٩٥ / ٦١٢.
(٣) المصدر : ٦١٣.