سوى هذا المقدار من الارتباط. ولعلّ المتدبّر يتبيّن له أزيد من ذلك.
وربما يشير إلى هذا المعنى :
[م / ١٩٤] ما روي عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام قوله : «لكلّ كتاب صفوة ، وصفوة هذا الكتاب حروف التهجّي» (١).
وهناك محاولات أخرى حديثة حدثت في العصر الأخير ، حاولت كشف هذه الرموز عن طريق العقل الألكتروني ، قام بها عالم كيماوي مصري يعيش في أمريكا (هو الدكتور رشاد خليفة) نشرتها مجلّة «آخر ساعة» المصريّة لعددها (١٩٩٦ ـ ٢٤ يناير ١٩٧٣).
كما وقام الأستاذ سعد عبد المطّلب العدل ، بمحاولة غريبة لتطبيق ما ورد في القرآن من الحروف المقطّعة على الخطّ الهيروغليفي المصريّ القديم ، في رسالة أعدّها لذلك. أصدرها سنة (٢٠٠٢ م).
وقد ذكرنا ذلك بتلخيص في المجلد الخامس من التمهيد ، فليراجع هناك.
الرأي المختار
والرأي المختار هو القول بأنها إشارات رمزيّة إلى أسرار بين الله ورسوله ، لم يهتد إليها سوى المأمونون على وحيه. ولو كان يمكن الاطّلاع عليها لغيرهم لم تعد حاجة إلى الرمز بها من أوّل الأمر.
نعم لا يبعد اشتمالها على حكم وفوائد تزيد في فخامة مواضعها من مفتتح السور ، ولا سيّما بهذا النظم المتفنّن في تنوّعه البديع.
ولعلّ ما أشار إليه الزمخشري ، وجاء في كلام الزركشي ، واحتملته قريحة سيّدنا الطباطبائي لعلّه شذرات من تلك الحكم والفوائد المودعة إلى جنب ما حوته تلك الحروف من أسرار عظام. والله أعلم بحقيقة الحال.
الحروف المقطّعة في مختلف الروايات
ذكر الإمام أبو إسحاق الثعلبي أنّ كثيرا من السلف ذهبوا إلى أنّها من المتشابهات التي استأثر الله بعلمها ، فنحن نؤمن بتنزيلها ونكل إلى الله تأويلها. وعن بعضهم : لكلّ كتاب سرّ ، وسرّ القرآن
__________________
(١) الميزان ١٨ : ٦ ، سورة الشورى ؛ مجمع البيان ١ : ٧٥.