والصدّيقين والشهداء ، فقد وفّق للإسلام وتصديق الرسل والتمسّك بالكتاب والعمل بما أمر الله به والانزجار عمّا زجره عنه ، واتّباع منهج النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ومنهاج الخلفاء الأربعة من بعده وكلّ عبد لله صالح. وكلّ ذلك من الصراط المستقيم (١).
تفسير (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)
وهذا تبيين للصراط المستقيم الذي يبتغي العبد الاهتداء إليه والتداوم عليه. ألا وهو سبيل الطاعة المؤدّي إلى الهداية وشمول العناية الإلهيّة الكبرى. (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً. ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللهِ وَكَفى بِاللهِ عَلِيماً)(٢).
(وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً. وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً. وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً)(٣).
نعم ، عاقبة الطاعة والاستسلام لله تعالى ، هو الاهتداء إلى معالم الهداية وشمول العناية ، الكافلة لسعادة الدارين.
وهي الطريقة الوسطى لا غلوّ فيها ولا تقصير :
لا غلوّ يستجلب السخط من الله (وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى)(٤). (وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)(٥).
ولا تقصير يوجب الضلال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِ) ... (وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ)(٦).
(وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ)(٧).
وجاء في الروايات تفسير (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ) بالنبيّين وبالذين اتّبعوا الدين الحنيف ، (مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً). و (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) باليهود الذين غلوا في دينهم وحادوا عن الطريقة الوسطى.
__________________
(١) راجع : الطبري : ١ / ١١٠ ، ونقله ابن كثير في التفسير ١ : ٣٠.
(٢) النساء ٤ : ٦٩ ـ ٧٠.
(٣) النساء ٤ : ٦٦ ـ ٦٨.
(٤) طه ٢٠ : ٨١.
(٥) النحل ١٦ : ١٠٦.
(٦) الممتحنة ٦٠ : ١.
(٧) البقرة ٢ : ١٠٨.