منها صدى محمود في أرجاء البلاد ، وبقيت آثارها أعلاما للأمّة على مدى الأحقاب.
٣ ـ مدرسة الكوفة : هي ثالثة المدارس شهرة وصيتا عمّ البلاد. تأسّست على يد الصحابي الكبير عبد الله بن مسعود ، يوم قدم الكوفة ـ على عهد ابن الخطاب ـ معلّما ومؤدّبا. وتربّى على يده كثير من أعلام التابعين ، وأصبحت الكوفة منذ قدومه معهدا خصبا لنشر علوم الإسلام وبثّها وتعليمها ، وازدهرت ازدهارا بالغا بعد ما هاجر إليها الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ومعه جلّ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم العلماء النبهاء. ومن ثمّ تداومت هذه المدرسة طوال قرون يؤمّها روّاد العلم والفضيلة على مدى الأيّام.
٤ ـ مدرسة البصرة : قامت على يد أبي موسى الأشعري يوم قدمها واليا من قبل عمر بن الخطاب سنة ١٧. وهو الذي فقّه أهل البصرة وأقرأهم. لكنّ تداومها كان على يد علماء التابعين ممّن حلّوا بها فيما بعد ولا سيّما على عهد التابعي الكبير أبي سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار البصري. كان عالما جامعا وفقيها مأمونا وعابدا ناسكا ، حسب تعبير ابن سعد وغيره. وكان أكثر ما يقوله عن عليّ عليهالسلام من غير أن يصرّح باسمه. ويكنّى عنه بأبي زينب. اتقاء من شرّ أعدائه (١).
٥ ـ مدرسة الشام : قام بها الصحابي الجليل أبو الدرداء عويمر بن عامر الخزرجي. كان من أفاضل الصحابة وفقهائهم وحكمائهم. تولّى قضاء دمشق على عهد عمر. وتخرّج على يديه جماعة من أكابر التابعين ، منهم : سعيد بن المسيّب وعلقمة بن قيس وسويد بن غفلة وجبير بن نفير وزيد بن وهب وآخرون. ولم ينزل دمشق من أكابر الصحابة سوى أبي الدرداء ، توفّي بها سنة ٣٢ ودفن بجوار المسجد الأموي وقبره معروف إلى اليوم. وبلال بن رباح المؤذّن الذي مات في طاعون عمواس سنة ٢٠ ودفن بحلب. وكذا واثلة بن الأسقع ، وكان آخر من مات بدمشق من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مات سنة ٨٥.
أعلام التابعين
تلك مدارس التفسير كان قد تخرّج عليها رجال علماء كانوا أكفاء لحمل عبء رسالة الإسلام إلى الملأ في الخافقين. وبهم ازدهرت معالم الدين وانتشرت أحكام الشريعة ومبانيها في شتّى
__________________
(١) راجع : أمالي المرتضى ١ : ١٦٢ ؛ طبقات ابن سعد ٧ : ١٥٧ ؛ تهذيب التهذيب ٢ : ٢٦٦.