[م / ٣٦٧] كرواية محمّد بن عبد الله ـ وهو مجهول ـ عن محمّد بن إسحاق عن الرضا عليهالسلام وفيها ـ بعد السؤال عن الحيلة ـ : «قال : لا بأس به ، قد أمرني أبي ففعلت»!! وهكذا في رواية مسعدة بن صدقة (١).
قال : وأنت خبير بأنّ بعض الأعمال وإن كان مباحا فرضا ، لكن لا يرتكبه المعصوم المنزّه عن ارتكاب ما يوجب تنفّر الطباع.
قال : ولهذا في نفسي شيء من محمّد بن إسحاق هذا ، وكان صيرفيّا يصرف النقود ، وقد نسب في رواياته ذلك إلى أربعة من المعصومين : الباقر والصادق والكاظم والرضا عليهمالسلام. فيا ترى كيف يصح قبولها!؟ وإنّما هي نظير روايات بيع العنب ممّن يصنعه خمرا ، مستنكرة جدّا ويرفضها العقل الرشيد. انتهى بتلخيص (٢).
وإنّما أطلنا الكلام في هذا الباب ، نظرا لأهميّة الموضوع ولكونه تأسيسا ـ قد يبدو جديدا ـ لطريقة تمحيص الروايات ، يعود عهدها إلى عهد السلف من أهل التحقيق من الفقهاء ، رضوان الله تعالى عليهم.
منهجنا في هذا العرض
ومنهجنا في هذا العرض هو اجتياز مراحل ثلاث للوصول إلى النتيجة المطلوبة في نهاية المطاف :
أوّلا : عرض الآية على دلائلها الذاتيّة في داخل إطارها ، فإن وفت بالإفادة تماما ، وإلّا فسعيا وراء قرائن وشواهد من آيات اخرى ، ترفع الإبهام وتحلّ المشكلة. حيث القرآن ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض ، كما قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام (٣). فإنّ الآية قد لا تنطق ـ حيث علتها هالة من الإبهام ـ فلا بدّ أن تستنطق ، وذلك بالتدبّر والتعمّق في جوانبها والاستعلام من آيات أخرى جاءت نظيرتها وتستهدف نفس الاتّجاه. قال عليهالسلام : «ذلك القرآن فاستنطقوه ، ولن ينطق» (٤). وذلك حيثما أجملت وأبهمت ، فمسّت الحاجة إلى البيان والتفصيل من خارج إطارها ، من آية أخرى
__________________
(١) المصدر : ٢٢٨ ـ ٢٨.
(٢) راجع : كتاب البيع ـ بقلمه الشريف ٢ : ٥٣٧ ـ ٥٥١.
(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ١٣٣.
(٤) المصدر ، الخطبة ١٥٨.