وساقيها (١).
قال : ولا يصحّ القول بتقييد الآية والسنّة ، لإباء العقول عن ذلك ، فإنّ الالتزام بحرمة التعاون على كلّ إثم إلّا بيع التمر أو العنب الذي يشترى للتخمير ، كما ترى!!
قال : فتلك الروايات ، بما أنّها مخالفة للكتاب والسنّة المستفيضة ، وبما أنّها مخالفة لحكم العقل ولروايات النهي عن المنكر ، مخالفة لأصول المذهب ومخالفة لقداسة ساحة المعصومين عليهمالسلام حيث إنّ الظاهر منها أنّ الأئمّة عليهمالسلام كان من دأبهم بيع التمر ممّن يصنعه خمرا ، ولا يبيعونه من غيره ، الأمر الذي لا يرتضي به شيعيّ إماميّ ، كيف! ولو صدر مثل هذا العمل من أوسط الناس لعابوه ، والمسلم بما هو مسلم. والشيعي بما هو شيعي ، يرى مثل هذا العمل قبيحا مخالفا لرضى الشارع ، فكيف يصدر من المعصوم عليهالسلام (٢).
وشاهد آخر : مسألة التحيّل للفرار عن الربا ، وقد وردت بشأنها روايات تجيزه ، معلّلة بأنّه نعم الفرار من الحرام إلى الحلال أو أنّه فرار من باطل إلى حقّ (٣).
قال الأستاذ : لا بدّ من وقفة فاحصة عند هذه الروايات ، إذ أنّ الربا ، مع تلك التشديدات التي وردت بشأنه في القرآن الكريم والسنّة المتواترة ، ممّا قلّ نحوها في سائر المعاصي ، ومع ما فيه من مفاسد اقتصاديّة واجتماعية وحتّى سياسيّة أحيانا ، كيف يمكن تحليله بمثل هذه الحيل التي يرفضها العقل الذي أدرك المصالح في منعه والمفاسد في رواجه!
ثمّ أخذ في الكلام عن أنواع الربا (القرضي والمعاملي) وأنّه في النوع الثانى يشبه الربا ، وليس نفسه عرفا ، فكان التخلّص منه بوجه شرعي جائزا. أمّا النوع القرضي فلا مخلص منه ، فإنّه عين الربا القبيح عقلا ، الممنوع شرعا.
قال : وما ورد من الروايات في تجويزه بالحيل الشرعية ـ حسب مصطلحهم ـ هي روايات ضعيفة الإسناد ، سوى رواية واحدة هي ما رواه الشيخ بإسناده إلى محمّد بن إسحاق الصيرفي (٤).
قال : وسائر الروايات ضعاف ، بل بعضها مشتمل على ما لا يليق بساحة الإمام عليهالسلام.
__________________
(١) الفقيه ٤ : ٨ / ٤٩٦٨.
(٢) راجع : ما سجّله بهذا الصدد بقلمه الشريف في كتابه «المكاسب المحرّمة» ١ : ٢١٧ ـ ٢١٩.
(٣) راجع : الوسائل ١٨ : ١٧٩ ـ ١٨٠.
(٤) التهذيب ٧ : ٥٢ ـ ٥٣ / ٢٢٧ ـ ٢٧.