السنن عن هارون (١). وهكذا فعل الذهبي في التلخيص!
والملخّص : أنّ القراءة بغير ألف. لم تثبت رواية عن السلف ، سوى ما أحدثه مروان ومن في ضربه ذلك العهد!
قراءة (مالِكِ) في الرواية عن السبعة
قرأ عاصم والكسائي من السبعة : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.) وخلف في اختياره ويعقوب. وهي القراءة الوحيدة المأثورة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجرى عليها كبار أصحابه المرموقين وتناقلها المسلمون خلفا عن سلف ، حسبما تقدّم.
وقرأ باقي السبعة : «ملك يوم الدّين». وأوّل من أحدث قراءة «ملك» بغير ألف ، هو مروان بن الحكم ، وشذّ عن الباقين ذلك العهد. واختارها اجتهادا لفيف من القرّاء المتأخّرين. وسنذكر أن لا مجال للاجتهاد في القراءة بعد كونها توقيفا على ما ثبت نصّه عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتناقلها جمهور المسلمين. وهي قراءة حفص المتّصلة إسنادها إلى الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام.
قال الإمام أحمد بن حنبل : وهي القراءة القديمة (٢) أي قراءة عامّة السلف قبل أن تحدث القراءة بغير ألف على يد مروان!
وقرأ يحيى بن يعمر وأيّوب السختياني : (مالِكِ) بالإمالة البليغة. وقرأ قتيبة بن مهران عن الكسائي ـ في غير قراءته السبعيّة ـ بالإمالة المتوسّطة (٣).
وذكر أبو علي الفارسي : أنّ أحدا لم يمل الألف من مالك (٤). ولعلّه أراد القرّاء السبعة. وإلّا فقد ردّ عليه أبو حيّان الأندلسي ونسبه إلى الجهل بالمأثور من النقل. قال : إنّ ذلك جائز إلّا أنّه لا يقرأ بما يجوز إلّا أن يأتي بذلك أثر مستفيض (٥). وهكذا قال ابن الجزري : الإمالة بكلا شقّيها : البليغة وبين بين ، جائزة في القراءة ، جارية في لغة العرب (٦).
__________________
(١) سنن البيهقي ٣ : ٣٤٩.
(٢) راجع : سنن أبي داوود ٢ : ٢٤٨ / ٤٠٠١.
(٣) قال ابن الجزري : الإمالة أن تنحو بالفتحة نحو الكسرة ، وبالألف نحو الياء. كثيرا ، هو المحض. وقليلا ، وهو : بين بين. ويقال له أيضا : التقليل والتلطيف وبين بين. فهي بهذا الاعتبار تنقسم إلى قسمين إمالة شديدة ، وإمالة متوسّطة. وكلاهما جائز في القراءة ، جار في لغة العرب. النشر في القراءات العشر ٢ : ٣٠.
(٤) الحجّة في القراءات ١ : ٨. وأخذ عنه الطبرسي في مجمع البيان ١ : ٢٣.
(٥) البحر المحيط ١ : ٢٠.
(٦) النشر في القراءات العشر ٢ : ٣٠.