نقد الآثار على منصّة التّمحيص
وإذ كانت الأحاديث المأثورة عن السلف ، لها دورها الأوفى في التفسير وفي فهم معاني القرآن الكريم ، فهل بقيت سليمة طيلة الأعصار ولم يعكر صفو زلالها شوائب الأكدار؟
الأمر الذي استرعى انتباه علماء الأمّة منذ العهد الأول ليقوموا بفرض الحدود الفاصلة بين الصحيح والزائف من الأخبار. وأهمّ تلك الحدود المائزة هو ما نبّه عليه نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعرض على كتاب الله ومحكمات آياته ، فما وافق كتاب الله فهو حقّ وما خالفه فهو باطل. والكتاب هنا كناية عن محكمات الدين وضرورات العقول فيشمل السنّة القويمة وبرهان العقل اللائح. فما رافقها فهو سليم وما حاد عنها فهو سقيم.
ومن ثمّ فطريقة التمحيص هي ملاحظة المحتوى في اعتلاء فحواه وقوّة مؤدّاه ، قبل ملاحظة الأسناد ، وإن كان للأسناد أيضا دورها في الاعتبار ، ولكن في الدرجة الثانية ، على خلاف مذاهب بعض المتأخّرين في اهتمامهم بالأسانيد محضا وترك رعاية المحتوى قوّة واعتلاء.
إذن فالعمدة هي العناية بالمتون قبل رعاية الأسناد :
[م / ٣٠٢] فقد تواتر عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما جاءكم عنّي يوافق كتاب الله فأنا قلته ، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله» (١).
__________________
(١) رواه ثقة الإسلام الكليني بإسناد صحيح إلى الإمام الصادق عليهالسلام فيما رواه من خطبة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بمنى (الكافي ١ : ٦٩ / ٥ باب الأخذ بالسنّة وشواهد الكتاب).