من فحوى الآية وخابئة تحت ظاهر التعبير. وهذه المفاهيم العامّة الباطنة لظواهر القرآن ، هي التي ضمنت بقاء القرآن عبر الخلود ، والاعتبار بها ، لا بظاهر التنزيل.
[م / ٦٨] قال الإمام أبو جعفر الباقر عليهالسلام : «ولو أنّ الآية إذا نزلت في قوم ، ثمّ مات أولئك القوم ، ماتت الآية ، لما بقي من القرآن شيء (أي أصبح لا فائدة فيه) ولكن القرآن يجري أوّله على آخره ، ما دامت السماوات والأرض. ولكلّ قوم آية يتلونها ، هم منها من خير أو شرّ» (١).
[م / ٦٩] وفي حديث آخر : «ظهره تنزيله ، وبطنه تأويله ، منه ما مضى ومنه ما لم يكن بعد ، يجري كما تجري الشمس والقمر. كلّما جاء منه شيء وقع» (٢).
حجيّة ظواهر القرآن
لعلّه من بديهة القول ، إنّ القرآن حجّة بالغة في كلّ تعابيره التي خاطب بها الناس أجمعين ، لأنّه نزل هدى للناس وبلسان عربيّ مبين لعلّهم يتذكّرون.
(كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ)(٣).
وفي أحاديث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والعترة عليهمالسلام الشيء الكثير من الترغيب في مراجعة القرآن والتماس فرائده وعرض متشابهات الأمور عليه. وهكذا ندب الأئمة من أهل البيت عليهمالسلام على التماس حقائقه والوقوف على دقائقه بالتعميق في مطاويه.
قال تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(٤).
[م / ٧٠] ولمّا نزلت الآية : (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ)(٥) قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ويل لمن لاكها بين لحييه ثمّ لم يتدبّرها» (٦).
[م / ٧١] قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : «ألا لا خير في قراءة لا تدبّر فيها» (٧).
[م / ٧٢] وقال الإمام الصادق عليهالسلام : «إنّما القرآن أمثال لقوم يعلمون دون غيرهم ، ولقوم يتلونه
__________________
(١) العيّاشي ١ : ٢١ / ٧.
(٢) المصدر : ٢٢ ـ ٢٣ / ٥ ؛ بصائر الدرجات : ٢١٦ / ٧.
(٣) سورة ص ٣٨ : ٢٩.
(٤) النحل ١٦ : ٤٤.
(٥) آل عمران ٣ : ١٩١ ـ ١٩٢.
(٦) مجمع البيان ٢ : ٤٧٠ ؛ شرح الباب الحادي عشر : ٥ واللفظ له.
(٧) معاني الأخبار : ٢٢٦ / ١.