معروف بالتفسير. وليس لأحد تفسير أطول منه ولا أشبع فيه. وبعده مقاتل بن سليمان (م ١٥٠) إلّا أنّ الكلبي يفضّل عليه. ثمّ بعد هذه الطبقة ألّفت تفاسير تجمع أقوال الصحابة والتابعين. وجعل يعدّدهم بتفصيل (١).
وقال أحمد بن عبد الحليم : إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنّة ، ولا وجدته عن الصحابة ، فقد رجع كثير من الأئمّة في ذلك إلى أقوال التابعين (٢).
هذا وقد تعلّل بعضهم في اعتبار ما ورد من تفاسير التابعين ، إذ ليس لهم سماع من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهي من آرائهم ، ويجوز عليهم الخطاء. كما لم ينصّ على عدالتهم كما نصّ على عدالة الصحابة. فقد نقل عن أبي حنيفة أنّه قال : ما جاء عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فعلى الرأس والعين ، وما جاء عن الصحابة تخيّرنا ، وما جاء عن التابعين فهم رجال ونحن رجال!
وقال شعبة بن الحجّاج : أقوال التابعين ليست حجّة ، فكيف تكون حجّة في التفسير؟ وقد عرفت عن أحمد روايتين : إحداهما بالقبول ، والأخرى بالرفض! (٣)
قلت : إن كان أريد التعبّد بأقوال التابعين والتسليم لآرائهم في التفسير ، فهذا لا مبرّر له ، نعم سوى العناية بأقوالهم لغرض التحقيق وبلوغ الغاية المنشودة ، ليكون لآرائهم موضع الوصول إلى حقيقة الواقع ، حيث هم أقرب عهدا وأسهل تناوشا لمواضع النزول. كما أنّهم هم الواسطة بيننا وبين أقوال الصحابة وأحاديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد عرفت أنّ جلّ التابعين هم المتخرّجون من مدارس الصحابة الأوّلين ، المتربّين على يد صاحب الرسالة بالذات.
فجملة علومهم ، مستنبطة من منابع أصيلة ومنتهية إلى مصدر الوحي الأمين ، الأمر الذي يجعل الفارق بيّنا بين من كان شأنهم هذا ، وبين من كان مستقاه بعيد المنال!
موضع الحديث من التفسير
لا شكّ أنّ المصدر الأوّل لتفسير القرآن هو القرآن ، باعتبار ردّ متشابهاته إلى المحكمات لأنّهنّ أمّ الكتاب ، وكما قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : القرآن ينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض (٤).
__________________
(١) البرهان ٢ : ١٥٨ ـ ١٥٩. وراجع : الكامل لابن عديّ ٦ : ١٢٠.
(٢) مقدمته في أصول التفسير : ٤٩.
(٣) التفسير والمفسّرون للذهبي ١ : ١٢٨ ـ ١٢٩.
(٤) نهج البلاغة ٢ : ١٧ ، الخطبة ١٣٣.