(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ)(١).
فهنا قد لوحظ الماء ـ باعتباره منشأ الحياة ـ في مفهومه العامّ الشامل للعلم ، ليعمّ الحياة المادّيّة والمعنويّة معا.
***
وقوله تعالى : (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ)(٢). أي فليمعن النظر في طعامه كيف مهّدته الطبيعة وعملت العوامل في تهيئته ، ليعرف مقدار فضله تعالى على العباد.
[م / ٥٤] هذا وقد روى ثقة الإسلام الكليني بإسناده إلى زيد الشحّام ، قال : سألت الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام قلت : ما طعامه؟ قال : «علمه الذي يأخذه ، عمّن يأخذه» (٣).
والمناسبة ظاهرة ، لأنّ العلم غذاء الروح ، ولا بدّ من الحيطة والحذر في الأخذ من منابعه الأصيلة ولا سيّما علم الشريعة وأحكام الدين الحنيف.
إلى غير ذلك من تأويلات متناسبة مع ظواهر الآيات ، استنبطها ذوو العلم من الأئمّة الهداة ، ولدينا منها الشيء الوفير والحمد لله.
تأويلات هي تخرّصات
وعلى العكس نجد هناك بعض تأويلات هي أشبه بتخرّصات هزيلة لا يمكن زنتها على مقياس الاعتبار. من ذلك تأويلات ارتكبها محيى الدّين ابن عربي ملأكتبه (الفتوحات والفصوص والتفسير) لا تعتمد على أساس سوى تخرّصات مهينة.
يقول ـ في فتوحاته ذيل قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ. خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)(٤) ـ : إيجاز البيان فيه : يا محمّد ، (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) ستروا محبّتهم فيّ عنهم (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ) بوعيدك الذي أرسلتك به (أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) بكلامك ، فإنّهم لا يعقلون غيري وأنت تنذرهم بخلقي وهم ما
__________________
(١) الأنفال ٨ : ٢٤.
(٢) عبس ٨٠ : ٢٤.
(٣) راجع : تفسير البرهان للبحراني ٨ : ٢١٤ / ١. والكافي ١ : ٤٩ ـ ٥٠ / ٨.
(٤) البقرة ٢ : ٦ ـ ٧.