(وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ)(١) قال : «مسؤولون عن ولاية عليّ». قال الهيثمي : وكأنّ هذا هو مراد الواحدي بقوله :
[م / ٥١] روي في قوله تعالى : (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ) أي عن ولاية عليّ وأهل البيت ، لأنّ الله أمر نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يعرّف الخلق أنّه لا يسألهم على تبليغ الرسالة أجرا إلّا المودّة في القربى ، والمعنى : أنّهم يسألون : هل والوهم حقّ الموالاة كما أوصاهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أم أضاعوها وأهملوها ، فتكون عليهم المطالبة والتبعة (٢).
***
وقوله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ)(٣).
كانت الآية في ظاهر تعبيرها ذات دلالة واضحة ؛ إنّ نعمة الوجود ووسائل العيش والتداوم في الحياة ، كلّها مرهونة تحت إرادته تعالى وفق تدبيره الشامل ورحمته العامّة. والله تعالى هو مهّد هذه البسيطة بجميع إمكاناتها لإمكان الحياة عليها : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً)(٤). (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)(٥).
هذا هو ظاهر الآية حسب دلالة الوضع وقرائن السياق.
ولكن للإمام أبي جعفر الباقر عليهالسلام هنا بيان يمسّ جانب باطن الآية ودلالة فحواها العامّ :
[م / ٥٢] قال عليهالسلام : «إذا فقدتم إمامكم فلم تروه فماذا تصنعون» (٦).
[م / ٥٣] وعن الإمام أبي الحسن الرضا عليهالسلام : «ماؤكم : أبوابكم الأئمّة ، والأئمّة أبواب الله. (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) أي يأتيكم بعلم الإمام» (٧).
وقد كانت استعارة الماء المعين للعلم النافع ، ولا سيّما المستند إلى الوحي ، من نبيّ أو وصيّ نبيّ ، أمرا معروفا. فكما أنّ الماء أصل الحياة المادّيّة والموجب لإمكان المعيشة بسلام ، كذلك العلم النافع وعلم الشريعة بالذات هو الأساس لإمكان الحياة المعنويّة في سعادة وهناء.
__________________
(١) الصافات ٣٧ : ٢٤.
(٢) الصواعق المحرقة ـ ابن حجر : ٨٩. وراجع أيضا : شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ٢ : ١٦٠ ـ ١٦١ ، باب ١٣٥.
(٣) الملك ٦٧ : ٣٠.
(٤) النبأ ٧٨ : ٦.
(٥) الملك ٦٧ : ١٥.
(٦) كمال الدين للصدوق ٢ : ٣٦٠ / ٣.
(٧) تأويل الآيات ٢ : ٧٠٨ / ١٤. والآية من سورة الملك ٦٧ : ٣٠.