صيانة القرآن من التّحريف
(لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)(١)
قال الشريف المرتضى علم الهدى : إنّ العلم بصحّة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة ، فإنّ العناية اشتدّت والدواعي توفّرت على ضبطه وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم يبلغه غيره ، لأنّ القرآن معجزة النبوّة ومأخذ العلوم الشرعيّة والأحكام الدينيّة ، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتّى عرفوا كلّ شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّرا ومنقوصا ، مع العناية الصادقة والضبط الشديد؟!
وذكر : أنّ من خالف في ذلك من الأخباريّة والحشويّة ، لا يعتدّ بخلافهم ، فإنّ الخلاف في ذلك معزوّ إلى قوم من أصحاب الحديث ، نقلوا أخبارا ضعافا ظنّوا صحّتها ، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على سلامته (٢).
نعم هناك شذّت روايات ، أو شئت فقل : حكايات عن السلف ، أو همت حصول تغيير في بعض ألفاظ القرآن ولو يسيرا ، ممّا غرّ أهل الحشو والأخباريّين من أهل الحديث ، فحسبوا تحريفا في
__________________
(١) فصّلت ٤١ : ٤٢.
(٢) مجمع البيان ١ : ٤٢ ـ ٤٣ ، المقدّمة ـ الفنّ الخامس ، بتصرّف يسير وتبيين.