آية في سورها كلّها (١). و (حم ، عسق) آيتان (٢) و (كهيعص) آية واحدة (٣). و (ص) و (ق) و (ن) ثلاثتها لم تعدّ آية.
قال : هذا مذهب الكوفيّين وأمّا من عداهم فلم يعدّوا شيئا منها آية (٤).
[م / ١٨٩] وأخرج وكيع وعبد بن حميد عن أبي عبد الرحمان السّلمي : أنّه كان يعدّ (الم) آية. و (حم) آية (٥).
التلهّج بالحروف المقطّعة
قال الزمخشري : اعلم أنّ الألفاظ التي يتهجّى بها أسماء ، مسمّياتها الحروف المبسوطة التي منها ركّبت الكلم. فقولك : ضاد ، اسم سمّي به «ضه» من ضرب ، إذا تهجّيته ، وكذلك : راء ، باء ، اسمان لقولك : «ره» ، «به» (٦).
قال : وقد روعيت في هذه التسمية لطيفة ، وهي : أنّ المسمّيات لمّا كانت ألفاظا كأساميها وهي حروف وحدان ، والأسامي عدد حروفها مرتق إلى الثلاثة ، اتّجه لهم طريق إلى أن يدلّوا في التسمية على المسمّى ، فلم يغفلوها وجعلوا المسمّى صدر كلّ اسم منها ، كما ترى (٧) ، إلّا الألف ، فإنّهم استعاروا الهمزة مكان مسماها ، لأنّه لا يكون إلّا ساكنا (٨).
قال : ومما يضاهيها ، في إيداع اللفظ دلالة على المعنى : التهليل ، والحوقلة ، والحيعلة ، والبسملة. وحكمها ـ ما لم تلها العوامل ـ أن تكون ساكنة الأعجاز ، موقوفة ، كأسماء الأعداد ، فيقال : ألف ، لام ، ميم. كما يقال : واحد ، اثنان ، ثلاثة. فإذا وليتها العوامل ، أدركها الإعراب ، تقول : هذه ألف ، وكتبت ألفا ، ونظرت إلى ألف ، وهكذا كلّ اسم عمدت إلى تأدية ذاته فحسب ، قبل أن يحدث فيه ـ بدخول العوامل ـ شيء من تأثيراتها ، فحقّك أن تلفظ به موقوفا.
__________________
(١) غافر وفصّلت والزخرف والدخان والجاثية والأحقاف.
(٢) الشورى.
(٣) سورة مريم.
(٤) الكشاف ١ : ٣١.
(٥) الدرّ ١ : ٥٥.
(٦) وذلك لأنّ «ضاد» اسم مركب من ثلاثة أحرف. أمّا المسمّى فهو «ض» من قولك : «ضرب» ، وهو حرف واحد لا يمكن النطق به إلّا مع إلحاق هاء السكت به ، هكذا «ضه» كما يأتي التصريح به في كلام الخليل الآتي.
(٧) فالحرف الذي هو المسمّى ، جعل صدرا للفظة التي هي اسمها ، مثل «ض» في الضاد ، و «ر» في الراء ، و «ب» في الباء.
(٨) فصدر اللفظة التي هي اسم الألف ، همزة ، حيث الألف ساكن أبدا ، ولا يمكن النطق بالساكن.