[١ / ٥٢٠] وروى صاحب كتاب الاحتجاج في حديث طويل عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وفيه : «كان يقول لأصحابه قولوا : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) أي واحدا ، لا نقول كما قالت الدهرية : إنّ الأشياء لا بدوّ لها وهي دائمة ، ولا كما قال الثنويّة الذين قالوا إنّ النور والظلمة هما المدبّران ، ولا كما قال مشركو العرب إنّ أوثاننا آلهة. فلا نشرك بك شيئا ولا ندعو من دونك إلها كما يقول هؤلاء الكفّار ، ولا نقول كما تقول اليهود والنصارى إنّ لك ولدا ، تعاليت عن ذلك علوّا كبيرا» (١).
[١ / ٥٢١] وروى الطبرسي في المجمع : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ الله تعالى منّ عليّ بفاتحة الكتاب ، إلى قوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) إخلاص للعبادة (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) أفضل ما طلب به العباد حوائجهم» (٢).
[١ / ٥٢٢] وروى العيّاشي عن الحسن بن محمّد الجمّال عن بعض أصحابنا قال : «اجتمع أبو عبد الله عليهالسلام مع رجل من القدريّة عند عبد الملك بن مروان ، فقال القدريّ لأبي عبد الله عليهالسلام : سل عمّا شئت ، فقال له : إقرأ سورة الحمد ، فجعل القدريّ يقرأ سورة الحمد حتّى بلغ قول الله تبارك وتعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ.) فقال له جعفر : قف ، من تستعين؟ وما حاجتك إلى المعونة إن كان الأمر إليك؟! فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين» (٣).
تفسير (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)
وهذا ابتهال من العبد إلى الله أن يجعله في كنف رحمته وأن تشمله عنايته طول الحياة. فلا يضلّ الطريق أبدا ، لا في حياته المادّيّة ولا في المعنويّات ، والاهتداء إلى معالم الإنسانيّة العليا الكريمة ، وأن يهديه سبيل الرشاد.
والصراط المستقيم هي سبيل السعادة في الحياة ، إن مادّيّا أو معنويّا ، فيكون ـ تعالى ـ هو وليّه في طول المسير ، فيخرجه من الظّلمات (غياهب الحياة ومضلّاتها) إلى النّور (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ)(٤). وهذا يعني تداوم عنايته تعالى بعباده المؤمنين ، فلا يجابهون
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٠ ؛ الاحتجاج ١ : ٢٥ ، باب احتجاجه صلىاللهعليهوآلهوسلم على جماعة من المشركين ؛ كنز الدقائق ١ : ٦٣ ـ ٦٤ ؛ البحار ٩ : ٢٦٦ / ١ ، باب ما احتج الرسول على المشركين.
(٢) مجمع البيان ١ : ٧٢ ؛ البحار ٨٢ : ٢١ / ١٠.
(٣) العيّاشي ١ : ٣٧ / ٢٤ ؛ البحار ٨٩ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠ / ٤٤ ، و ٥ : ٥٥ ـ ٥٦ / ٩٨.
(٤) البقرة ٢ : ٢٥٧.