يكذب في الحديث ويغالي وقد تبرّأ منه الإمام الصادق عليهالسلام مع نفرين كانا على شاكلته ، وصفهم الإمام بكذّابين ومكذّبين.
[م / ١٢٢] روى الكشّي بإسناده إلى زرعة عن سماعة عن أبي بصير ، قال : «ذكر أبو عبد الله عليهالسلام كثير النوا (١) وسالم بن أبي حفصة (٢) وأبا الجارود ، فقال : كذّابون مكذّبون ... قلت : جعلت فداك ، كذّابون قد عرفتهم ، فما معنى مكذّبون؟ قال : كذّابون يأتونا فيخبرونا أنّهم يصدقونا وليسوا كذلك ، ويسمعون حديثنا فيكذّبونا به».
[م / ١٢٣] وروى أيضا بالإسناد إليه قال : كنّا عند أبي عبد الله عليهالسلام فمرّت بنا جارية معها قمقم فقلبته ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : «إنّ الله عزوجل إن كان قلب قلب أبي الجارود ، كما قلبت هذه الجارية هذا القمقم فما ذنبي!»
[م / ١٢٤] وبالإسناد إلى أبي أسامة قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : «ما فعل أبو الجارود؟ أما والله لا يموت إلّا تائها» (٣).
[م / ١٢٥] وروى ابن النديم أنّ الإمام سأله عنه فقال : «ما فعل أبو الجارود؟ أرجا بعدما أولى إماما ، أنّه لا يموت إلّا بإمام؟ قال : لعنه الله ، فإنّه أعمى القلب أعمى البصر. وقال فيه محمّد بن سنان : أبو الجارود لم يمت حتّى شرب المسكر وتولّى الكافرين» (٤).
والذي نستخلصه من جميع مامّر : أنّ الوضع عن لسان الأئمّة ، ولا سيّما الإمامين الهمامين الباقر والصادق عليهماالسلام كان دارجا ذلك العهد ، إمّا لارتفاع في العقيدة الباطلة أو لغرض الاستئكال واستلاب أموال الضعفاء.
والأئمّة عليهمالسلام لنباهتهم وحرصهم في الحفاظ على حقائق الدين دون أن يكدرها سفاسف المبطلين ، قاموا في وجههم وفضحوهم ولم يدعوا مجالا لتجوالهم ذلك البذيء.
الأمر الذي دعى بالأذكياء من علماء الأمّة ليبذلوا جهدهم في تنقيح وتهذيب أحاديث معزوّة إلى الأئمّة المعصومين ، وإيداعها مجاميع حديثيّة معتمدة ، أمثال المحمّدين الثلاثة (محمّد بن يعقوب الكليني : ٣٢٩. ومحمّد بن عليّ بن الحسين الصدوق : ٣٨١. ومحمّد بن الحسن الطوسي :
__________________
(١) هو الحسن بن أبي صالح بتري زيدي قد تبرّأ منه الإمام الصادق عليهالسلام (رجال الكشّي ٢ : ٥٠٩).
(٢) كان مرجيا وكان يعيّر على الإمام الصادق ويفتري عليه (الكشي ٢ : ٥٠١).
(٣) رجال الكشّي ٢ : ٤٩٥ ـ ٤٩٦ / ٤١٦.
(٤) الفهرست : ٢٦٧.