المؤمنين ، وبالمعرفة بحقوق الإخوان من المؤمنين.
فإنّه ما من عبد ولا أمة والى محمّدا وآل محمّد عليهمالسلام وعادى من عاداهم إلّا كان قد اتّخذ من عذاب الله حصنا منيعا وجنّة حصينة ؛ وما من عبد ولا أمة دارى عباد الله فأحسن المداراة فلم يدخل بها في باطل ولم يخرج بها من حقّ إلّا جعل الله عزوجل نفسه تسبيحا ، وزكّى عمله ، وأعطاه بصيرة على كتمان سرّنا واحتمال الغيظ لما يسمعه من أعدائنا ، ثواب المتشحّط بدمه في سبيل الله ؛ وما من عبد أخذ نفسه بحقوق إخوانه ، فوفّاهم حقوقهم جهده ، وأعطاهم ممكنه ، ورضي عنهم بعفوهم وترك الاستقصاء عليهم ، فيما يكون من زللهم واغتفرها لهم إلّا قال الله له يوم يلقاه : يا عبدي قضيت حقوق إخوانك ، ولم تستقص عليهم فيما لك عليهم ، فأنا أجود وأكرم وأولى بمثل ما فعلته من المسامحة والكرم ، فإنّي أقضيك اليوم على حقّ [ما] وعدتك به ، وأزيدك من فضلي الواسع ، ولا أستقصي عليك في تقصيرك في بعض حقوقي ، قال : فيلحقهم بمحمّد وآله ، ويجعله في خيار شيعتهم. ثمّ قال :
[١ / ٦٠٤] قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لبعض أصحابه ذات يوم : «يا عبد الله أحبّ في الله ؛ وأبغض في الله ؛ ووال في الله ؛ وعاد في الله ؛ فإنّه لا تنال ولاية الله إلّا بذلك ، ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتّى يكون كذلك ، وقد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدّنيا ، عليها يتوادّون ، وعليها يتباغضون ، وذلك لا يغني عنهم من الله شيئا.
فقال الرّجل : يا رسول الله فكيف لي أن أعلم أنّي قد واليت وعاديت في الله ؛ ومن وليّ الله حتّى أواليه؟ ومن عدوّه حتّى أعاديه؟ فأشار له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى عليّ عليهالسلام فقال : أترى هذا؟ قال : بلى. قال : وليّ هذا وليّ الله فواله ، وعدوّ هذا عدوّ الله فعاده ، ووال وليّ هذا ولو أنّه قاتل أبيك [وولدك] وعاد عدوّ هذا ولو أنّه أبوك أو ولدك» (١).
__________________
(١) معاني الأخبار : ٣٦ ـ ٣٧ / ٩ ، باب معنى الصراط ؛ وراجع : تفسير الإمام : ٤٧ ـ ٤٩ / ٢٢.