مثلا : لفظة «الدّين» له معان حسب استعمالاته ، وكثيرا مّا يتعيّن أحد معانيه بدلالة السياق ، كما في قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)(١) أريد به : الملّة والشريعة بقرينة السياق. وهكذا في قوله تعالى : (وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ)(٢). وقوله : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ)(٣). وغيرها من آيات جاء استعمال لفظة الدين فيها بمعنى الشريعة وهي الطريقة المستقيمة.
وفي أكثر من عشرة مواضع من القرآن ، جاء التعبير بيوم الدين ، وأريد به : يوم الجزاء.
قوله تعالى : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)(٤). (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ)(٥). (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ)(٦). (وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ. يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ)(٧). (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ. ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ. يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ)(٨). (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ)(٩).
وجاء استعماله بمعنى الطريقة والمنهج ـ الذي هو أصله في اللغة ـ في قوله : (ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ)(١٠) أي في مرسوم تلك البلاد. كلّ ذلك يعرف بقرينة السياق.
وذكر السيد رضي الدين محمّد بن الحسن الشريف الموسوي ، في تفسير قوله تعالى : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ)(١١) ، أنّ المراد بهذا الملك الذي يؤتيه الله من يشاء وينزعه عمّن يشاء ، هو الملك في الحياة الدنيا. وفنّد رأي من زعم أنّه نعيم الآخرة. وذلك نظرا لسياق الآية حيث تعقيبها بقوله : (وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ.) فإنّه كلام عن العزّ والذلّ في هذه الحياة ، لا حياة الآخرة (١٢). وكذا بقيّة الآية إلى قوله : (وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ)(١٣).
__________________
(١) التوبة ٩ : ٣٣.
(٢) البيّنة ٩٨ : ٥.
(٣) آل عمران ٣ : ١٩.
(٤) الشعراء ٢٦ : ٨٢.
(٥) الذاريات ٥١ : ١٢.
(٦) المعارج ٧٠ : ٢٦.
(٧) الانفطار ٨٢ : ١٥.
(٨) الانفطار ٨٢ : ١٧ ـ ١٩.
(٩) سورة ص ٣٨ : ٧٨.
(١٠) يوسف ١٢ : ٧٦.
(١١) آل عمران ٣ : ٢٦.
(١٢) حقائق التأويل : ٦٥ ـ ٦٦.
(١٣) آل عمران ٣ : ٢٧.