أنّ جواب الشرط في قوله عليهالسلام : " وإلّا فإنّه على يقين" محذوف ، قامت العلّة (٢١١٠) مقامه لدلالتها عليه ، وجعلها نفس الجزاء يحتاج إلى تكلّف ، وإقامة العلّة مقام الجزاء لا تحصى كثرة في القرآن وغيره ، مثل قوله تعالى : (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) ، و (إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ) ، (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) ، (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) ، (فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ) ، و (إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) ، (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ) ، إلى غير ذلك. فمعنى الرواية : إن لم يستيقن أنّه قد نام فلا يجب عليه الوضوء ؛
______________________________________________________
بوجود ما شكّ في كونه رافعا ، أو إلى اليقين بوجود ما يشكّ في استمرار الحكم معه ، فهو في الحقيقة نقض يقين بيقين آخر مثله لا بالشكّ ، لكون الشكّ في هذه الصور حاصلا قبل حصول اليقين بوجود ما ذكر ، فلا يستند النقض إليه ، فلا تكون هذه الأقسام مشمولة للرواية ، بخلاف القسم الأوّل ، لكون النقض فيه مستندا إلى نفس الشكّ.
وهذا كما ترى في غاية من الضعف ، لأنّك قد عرفت أنّ الشبهة العارضة للسائل في مورد الرواية إنّما كانت ناشئة من عروض حالة يشكّ معها في تحقّق النوم ، وهي حالة عدم إحساسه ما يحرّك إلى جنبه ، ومع ذلك لم يعتبرها الإمام عليهالسلام ، وحكم بعدم نقض اليقين بالشكّ ، فيظهر منه أنّ العلم بوجود ما هو منشأ الشّكّ لا يعتنى به في نقض اليقين السابق ، بل المعتبر نقضه بنفس الشكّ ، فاليقين بوجود ما شكّ في كونه رافعا أو بوجود ما شكّ في استمرار الحكم معه لا يصير قادحا في شمول الرواية للأقسام الثلاثة الأخيرة ، ودلالتها على حرمة نقض اليقين بالشكّ فيها ، لصراحة الرواية في عدم الاعتناء بوجود ما هو منشأ للشكّ. وبالجملة ، إنّه لا إشكال في دلالتها على اعتبار الاستصحاب في الأقسام الأربعة ، كما هو واضح.
٢١١٠. أي : وإن لم يجئ من جانبه أمر بيّن فهو على وضوئه ، فإنّه ....