.................................................................................................
______________________________________________________
«لا ينقض اليقين بالشكّ» لأنّه بعد إهمال المحلّ في العلّة أفادت كون اليقين السابق مطلقا علّة للحكم بالبقاء ، بتقريب : أنّ المولى إذا قال لعبده : لا تلبس هذا اللباس لأنّه أسود أو لسواده ، يفهم منه مبغوضيّة كلّ لباس أسود له من دون مدخليّة المحلّ فيها ، نظير قول الطبيب : لا تأكل الرمّان لحموضته ، فإنّه يفيد عدم جواز أكل كلّ حامض. وبعد إهمال تقييد اليقين بالوضوء فيما نحن فيه أيضا يثبت كون العلّة في عدم جواز نقض اليقين بالشكّ هو مجرّد اليقين السابق من دون اعتبار تعلّقه بالوضوء.
وفيه أوّلا : أنّ العلّة المنصوصة إنّما تقتضي إلغاء المحلّ على حسب ما ثبت من الخصوصيّة في موردها ، والمحلّ فيما نحن فيه هو الشخص الخاصّ ، وكونه على وضوء خاصّ الذي هو مرجع الضمير في قوله «فإنّه على يقين من وضوئه» والعلّة هي اليقين بالوضوء لا مطلق اليقين ، وبعد إلغاء خصوصيّة المحلّ يبقى عمومها بالنسبة إلى أفراد اليقين بالوضوء لا غير ، كما أنّ العلة في المثال الذي ذكره على ما اعترف به كون اللباس أسود ، والمحلّ هي خصوصيّة هذا اللباس لا مطلق السواد ، وإن تحقّق في ضمن غير اللباس أيضا. فالعلة في الصحيحة لا تقتضي عدم جواز نقض مطلق اليقين بمطلق الشكّ. نعم ، مقتضاها عدم جواز نقض مطلق اليقين بالوضوء بمطلق الشكّ فيه ، فيثبت به قاعدة كلّية في باب الوضوء لا مطلقا. وأمّا المثال الثاني فلا دخل له فيما نحن فيه ، لأنّ المحلّ فيه مطلق الرمّان ، وبعد إلغائه تبقى علّية مطلق الحموضة ، فلا يقاس عليه ما نحن فيه.
وثانيا : أنّ مطلق اليقين لو كان علّة لعدم جواز نقضه بالشكّ ، كان قوله «لا ينقض اليقين بالشكّ» تكرارا محضا. والعجب أنّه قد فرض قوله «فإنّه على يقين من وضوئه» بمنزلة صغرى ، وقوله «لا ينقض اليقين بالشكّ» بمنزلة كبرى كلّية. ثمّ أورد على نفسه بأنّ اليقين في الكبرى لا بدّ أن يحمل على يقين الوضوء ، ليتكرّر الحدّ الوسط. وأجاب عنه أوّلا : بأنّ ذلك يستلزم تكرار المطلب الواحد ، لأنّ هذا المعنى قد علم من قوله «فإنّه على يقين من وضوئه» فلا يحتاج إلى إعادته.