فإنّ المستفاد من هذه وأمثالها : أنّ المراد بعدم النقض عدم الاعتناء بالاحتمال المخالف لليقين السابق ، نظير قوله عليهالسلام : " إذا خرجت من شيء ودخلت في غيره فشكّك ليس بشيء". وقوله عليهالسلام : " اليقين لا يدخله الشك ، صم للرؤية وأفطر للرؤية" ، فإنّ مورده استصحاب بقاء رمضان ، والشكّ فيه ليس شكّا في الرافع (٢١٦٨) ، كما لا يخفى. هذا ، ولكنّ الإنصاف : أنّ شيئا من ذلك لا يصلح لصرف لفظ" النقض" عن ظاهره ، لأنّ قوله : " بل ينقض الشكّ باليقين" معناه رفع الشكّ (٢١٦٩) ؛ لأنّ الشكّ ممّا إذا حصل لا يرتفع إلّا برافع.
______________________________________________________
٢١٦٨. لكون الزمان من الامور المتجدّدة آناً فآنا.
٢١٦٩. لا عدم الاعتداد به حتّى ينطبق على المعنى الثالث. هذا ، وقد حكى عن المصنّف رحمهالله ـ مضافا إلى ما ذكره هنا ـ دعوى وقوع التعبير بنقض الشكّ باليقين في الصحيحة الثالثة ، لمناسبة قوله «ولا ينقض اليقين بالشكّ» وبتبعيّته ، لا من جهة إرادة المعنى المجازي الأوّل ، فلا يصلح التعبير به عن صرف النقض في الفقرة الثانية عن ظاهره. مضافا إلى ما يقال : من عدم صحّة المعنى المجازي الثاني هنا أيضا ، لأنّه عبارة عن رفع اليد عن الشيء بعد الأخذ به ، سواء كان له مقتضي الثبوت أم لا. والشكّ هنا ليس مأخوذا في زمان حتّى يصدق النقض بالنسبة إليه ، فلا بدّ أن يكون المراد بالنقض هنا مطلق عدم الاعتداد به.
ثمّ إنّ المراد بنقض الشكّ باليقين نقضه باليقين السابق ، لا اليقين اللاحق كما ربّما يوهمه قوله : «لأنّ الشكّ إذا حصل لا يرتفع إلّا برافع» لأنّ المراد بالفقرات الستّ أو السبع في الصحيحة الثالثة ـ كما أسلفناه سابقا ـ إمّا بيان قاعدة الاستصحاب أو الاحتياط. وعلى الأوّل ـ كما هو الفرض في المقام ـ فالمراد بهذه الفقرات بيان عدم الاعتداد بالشكّ مع وجود اليقين السابق. ومن تأمّل في هذه الفقرات جزم بما ذكرناه ، فالمراد بنقض الشكّ باليقين رفع اليد عن الآثار المرتّبة