احتجّ للقول الأوّل (٢١٧٥) بوجوه : منها : أنّه لو لم يكن الاستصحاب حجّة لم يستقم استفادة الأحكام من الأدلّة اللفظيّة (٢١٧٦) ؛ لتوقّفها على أصالة عدم القرينة والمعارض والمخصّص والمقيّد والناسخ وغير ذلك. وفيه : أنّ تلك الاصول قواعد لفظيّة مجمع عليها بين العلماء وجميع أهل اللسان في باب الاستفادة ، مع أنّها اصول عدميّة لا يستلزم القول بها (٢١٧٧) القول باعتبار الاستصحاب مطلقا ، إمّا لكونها
______________________________________________________
٢١٧٥. لا يخفى أنّ أدلّة هذا القول من حيث الدلالة على اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ شخصا أو نوعا أو من باب التعبّد مختلفة المؤدّى ، سنشير إلى مقتضى كلّ واحد منها عند شرح ما يتعلّق بكلّ واحد منها. ثمّ سنشير بعد الفراغ من شرح ما يتعلّق بالأدلّة المذكورة إلى المتحصّل منها وما هو المختار في المسألة.
ثمّ إنّ الدليل الأوّل قد ذكره في المنية ، قال : «إنّ أكثر الأحكام الشرعيّة مبنيّة على الاستصحاب ، فيكون حجّة. أمّا الأوّل فإنّ الدليل إنّما يجب العمل به إذا لم يظهر عليه ما يزيل حكمه مطلقا كالناسخ ، أو بعض مدلولاته كالتخصيص للعامّ والتقييد للمطلق ، أو معارضة دليل راجح عليه. ولا وسيلة إلى العلم بانتفاء ذلك الأمر إلّا الاستصحاب. وأمّا الثاني فبيّن» انتهى. ومقتضى هذا الدليل اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ النّوعي ، وهو واضح.
٢١٧٦. لا دخل لها في الاستصحاب ، كما أشار إليه المصنّف رحمهالله عند بيان محلّ النزاع.
٢١٧٧. بل لا يستلزم القول بها القول باعتبار الاصول العدميّة مطلقا ، لأنّ