مجمعا عليها بالخصوص ، وإمّا لرجوعها إلى الشكّ في الرافع.
ومنها : ما ذكره المحقّق (٢١٧٨) في المعارج ، وهو : أنّ المقتضي للحكم الأوّل ثابت ، والعارض لا يصلح رافعا ، فيجب الحكم بثبوته في الآن الثاني ، أمّا أنّ المقتضي ثابت ، فلأنّا نتكلّم على هذا التقدير. وأمّا أنّ العارض لا يصلح رافعا ؛ فلأنّ العارض احتمال تجدّد ما يوجب زوال الحكم ، لكنّ احتمال ذلك معارض باحتمال عدمه (٢١٧٩) ، فيكون كلّ منهما مدفوعا بمقابله ، فيبقى الحكم الثابت سليما عن الرافع ، انتهى.
وفيه : أنّ المراد بالمقتضي ؛ إمّا العلّة التامّة للحكم أو للعلم به أعني الدليل ، أو المقتضي بالمعنى الأخص (٢١٨٠). وعلى التقدير الأوّل ، فلا بدّ من أن يراد من ثبوته ثبوته في الزمان الأوّل ، ومن المعلوم عدم اقتضاء ذلك لثبوت المعلول أو المدلول في الزمان الثاني أصلا.
______________________________________________________
غاية ما ذكره اعتبار الاصول العدميّة في مباحث الألفاظ لا مطلقا. ودعوى عدم القول بالفصل في المقام مشكلة أيضا كما لا يخفى.
٢١٧٨. إليه يرجع ما تمسّك به غير واحد من العامّة والخاصّة ، من قولهم : ما ثبت دام. قال المحقّق القمّي رحمهالله : «فهو كلام خال عن التحصيل ، وغاية توجيهه ما ذكره المحقّق ، قال : المقتضي للحكم الأوّل ثابت ...». ومقتضى هذا الدليل على تقدير تسليمه اعتبار الاستصحاب من باب الظنّ شخصا أو نوعا. وأمّا احتمال إرادة اعتباره من باب التعبّد العقلائي فبعيد كما صرّح به المصنّف رحمهالله.
٢١٧٩. لا يخفى أنّ إطلاق التعارض والتدافع هنا من باب المسامحة ، لأنّ المزاحمة إنّما هي بين المحتملين دون الاحتمالين.
٢١٨٠. يعني : بمعنى السبب الناقص. والمراد بالأخصيّة ليس مقابل إطلاق المقتضي بمعنى العلّة التامّة ، لعدم كونه أخصّ منه ، لوضوح تباينهما ، بل مقابل إطلاقه بالمعنى الأعمّ الشامل لهما. وإنّما لم يحتمل المصنّف رحمهالله إرادة هذا المعنى أيضا في المقام ، لعدم ترتّب ثمرة عليه ، لعدم خلّوه في الواقع من كونه علّة تامّة أو ناقصة.