وعلى الثاني ، فلا بدّ من أن يراد ثبوته في الزمان الثاني مقتضيا للحكم. وفيه ـ مع أنّه أخصّ من المدّعى ـ (٢١٨١) : أنّ مجرّد احتمال عدم الرافع لا يثبت العلم ولا الظنّ بثبوت المقتضى بالفتح. والمراد من معارضة احتمال الرافع باحتمال عدمه الموجبة للتساقط : إن كان سقوط الاحتمالين فلا معنى له ، وإن كان سقوط المحتملين عن الاعتبار حتّى لا يحكم بالرافع ولا بعدمه ، فمعنى ذلك التوقّف عن الحكم بثبوت المقتضى بالفتح ، لا ثبوته.
وربّما يحكى إبدال قوله : «فيجب الحكم بثبوته» بقوله : «فيظنّ ثبوته» ، ويتخيّل أنّ هذا أبعد عن الإيراد ، ومرجعه إلى دليل آخر ذكره العضدي وغيره ، وهو : أنّ ما ثبت في وقت ولم يظنّ عدمه فهو مظنون البقاء. وسيجيء ما فيه.
______________________________________________________
وتوضيح المقام : أنّ المقتضي تارة يطلق بمعنى العلّة التامّة ، واخرى بمعنى السبب الناقص ، وثالثة بالمعنى الأعمّ منهما. وقد عرفت أنّ الواقع في الخارج لا يخلو من أحد الأوّلين. والعلّة التامّة إمّا أن تكون علّة للحكم أو للعلم به. وبعبارة اخرى : إمّا أن تكون علّة للثبوت ، أو للإثبات من دون مدخليّة لها في الثبوت. والأدلّة الشرعيّة من هذا القبيل ، لكونها واسطة في الإثبات دون الثبوت.
والمستدلّ إن أراد بالمقتضي علّة الثبوت أو الإثبات ، فلا بدّ أن يريد بثبوت المقتضي ثبوته في الزمان الأوّل ، لأنّه مع العلم بثبوته في الزمان الثاني يحصل العلم بثبوت الحكم فيه ، فيخرج المورد من موارد الاستصحاب المأخوذ في موضوعه الشكّ في بقاء الحكم الأوّل. وإن أراد به السبب الناقص ، فلا بدّ أن يريد بثبوته ثبوته في الزمان الثاني ، لأنّ القطع بثبوت الحكم في الزمان الأوّل ـ كما هو المعتبر في موارد الاستصحاب ـ لا ينفك عن القطع بثبوت علّته التامّة تفصيلا أو إجمالا.
وأمّا ضعف هذا الدليل فواضح ممّا ذكره المصنّف رحمهالله. ثمّ إنّ طريق العلم بثبوت المقتضي في الأحكام الشرعيّة منحصر في الأدلّة ، وهو واضح.
٢١٨١. لعدم شموله للشكّ في المقتضي.