.................................................................................................
______________________________________________________
وليعلم (*) أنّ الفرق بين الدليل والقاعدة : أنّ الدليل في الاصطلاح إمّا هو الأصغر في الشكل الأوّل مثلا ، كما يشير إليه تعريفه بأنّه ما يمكن التوصّل بصحيح النظر فيه إلى مطلوب خبري ، أو الوسط الذي يحتجّ به لثبوت الأكبر للأصغر ، والنتيجة هو المطلوب الخبري. والقاعدة هو الكلّي الذي يستخرج منه أحكام جزئيّاته ، وهو الكبرى في الشكل الأوّل ، فيقال في قاعدة (**) عدم جواز نقض اليقين بالشكّ : هذا يقينيّ الحصول مشكوك البقاء ، وكلّ ما هو كذلك لا يجوز نقضه بالشكّ ، يعني : يحكم ببقائه واستمراره.
وممّا ذكرناه يظهر أنّ الاستصحاب على تعريف المحقّق القمّي يكون من الأدلّة ، لوقوعه حينئذ وسطا في الشكل الأوّل كما عرفت. وعلى تعريف المشهور يكون من القواعد ، لكونه حينئذ كبرى في الشكل الأوّل على ما ذكرناه.
وإذا عرفت هذا نقول في توضيح ما قدّمناه : إنّا إن قلنا باعتباره من باب العقل ، كما هو ظاهر الأصحاب على ما أشار إليه المصنّف رحمهالله ، فلا إشكال في كونه من الأدلّة ، للتوصّل حينئذ بحكم العقل بالبقاء إلى ثبوت الحكم شرعا في زمان الشكّ ، كما يتوصّل بحكم العقل بقبح الظلم والعدوان وحسن الإحسان إلى حرمة الأوّلين واستحباب الثالث ، فيقال : هذا ممّا حكم العقل ببقائه ظنّا ، وكلّ ما هو كذلك فهو باق شرعا.
نعم ، لا بدّ من تقييد ذلك بما إذا كان جاريا في الشبهات الحكميّة لإثبات الأحكام الظاهريّة الكلّية ، كاستصحاب نجاسة الماء المتغيّر إذا زال تغيّره من قبل نفسه ، واستصحاب طهارة المتيمّم إذا وجد الماء في أثناء الصلاة ، لأنّ الاستصحاب الجاري في الشبهات الموضوعيّة ـ كاستصحاب عدالة زيد ونجاسة ثوبه وفسق
__________________
(*) في هامش الطبعة الحجريّة : «قد أسلفنا الحال في بيان المراد بالدليل فيما علّقناه على صدر الكتاب ، فراجع. منه».
(**) في هامش الطبعة الحجريّة : «من مستندها الاخبار. منه».