مقدار الاستعداد ، مثلا : إذا شككنا في مدخليّة التغيّر في النجاسة حدوثا وارتفاعا وعدمها ، فهل ينفع في حصول الظنّ بعدم المدخليّة تتبّع الأحكام الشرعيّة الأخر ، مثل : أحكام الطهارات والنجاسات ، فضلا عن أحكام المعاملات والسياسات ، فضلا عن أحكام الموالي إلى العبيد؟
وبالجملة : فكلّ حكم شرعيّ أو غيره تابع لخصوص ما في نفس الحاكم من الأغراض والمصالح ، ومتعلّق بما هو موضوع له وله دخل في تحققه ، ولا دخل لغيره من الحكم المغاير له ، ولو اتّفق موافقته له كان بمجرّد الاتّفاق من دون ربط. ومن هنا لو شكّ واحد من العبيد في مدخليّة شيء في حكم مولاه حدوثا وارتفاعا ، فتتبّع ـ لأجل الظنّ بعدم المدخليّة وبقاء الحكم بعد ارتفاع ذلك الشيء ـ أحكام سائر الموالي ، بل أحكام هذا المولى المغايرة للحكم المشكوك موضوعا ومحمولا ، عدّ من أسفه السفهاء.
وأمّا الثاني وهو الشكّ في الرافع ، فإن كان الشكّ في رافعيّة الشيء للحكم ، فهو أيضا لا دخل له بسائر الأحكام ؛ إلّا ترى أنّ الشكّ في رافعيّة المذي للطهارة لا ينفع فيه تتبّع موارد الشكّ في الرافعيّة ، مثل : ارتفاع النجاسة بالغسل مرّة ، أو نجاسة الماء بالإتمام كرّا ، أو ارتفاع طهارة الثوب والبدن بعصير العنب أو الزبيب أو التمر.
وأمّا الشكّ في وجود الرافع وعدمه ، فالكلام فيه هو الكلام في الامور الخارجيّة. ومحصّل الكلام : أنّه إن اريد أنّه يحصل الظنّ بالبقاء إذا فرض له صنف أو نوع يكون الغالب في أفراده البقاء ، فلا ننكره ؛ ولذا يحكم بظنّ عدم النسخ عند الشكّ فيه. لكنّه يحتاج إلى ملاحظة الصنف أو النوع حتى لا يحصل التغاير ؛ فإنّ المتطهّر في الصبح (٢١٩٣) إذا شكّ في وقت الضحى في بقاء طهارته وأراد إثبات ذلك بالغلبة ،
______________________________________________________
٢١٩٣. وكذا إذا أردنا استصحاب حياة زيد مثلا عند الشكّ في عروض المانع منها ، فلا بدّ من استقراء الأفراد المتّحدة أو المتقاربة لها في العمر والمكان والأكل والشرب وقوّة المزاج وضعفه ، وغيرها ممّا له مدخل في الاستعداد للبقاء