آخر ، وللحشرات مقدارا آخر ، ولدود القزّ والبقّ والذباب مقدارا آخر ، وكذلك الرطوبة في الصيف والشتاء.
فهنا مرحلتان : الاولى : إثبات الاستمرار في الجملة. والثانية : إثبات مقدار الاستمرار.
ففيما جهل حاله من الممكنات القارّة ، يثبت ظنّ الاستمرار في الجملة بملاحظة حال أغلب الممكنات مع قطع النظر عن تفاوت أنواعها ، وظنّ مقدار خاصّ من الاستمرار بملاحظة حال النوع الذي هو من جملتها.
فالحكم الشرعيّ مثلا نوع من الممكنات قد يلاحظ من جهة ملاحظة مطلق الممكن ، وقد يلاحظ من جهة ملاحظة مطلق الأحكام الصادرة من الموالي إلى العبيد ، وقد يلاحظ من جهة ملاحظة سائر الأحكام الشرعيّة ، فإذا أردنا التكلّم في إثبات الحكم الشرعيّ فنأخذ الظنّ الذي ادّعيناه من ملاحظة أغلب الأحكام الشرعيّة ؛ لأنّه الأنسب به والأقرب إليه ، وإن أمكن ذلك بملاحظة أحكام سائر الموالي وعزائم سائر العباد.
ثمّ إنّ الظنّ الحاصل من جهة الغلبة في الأحكام الشرعيّة ، محصّله : أنّا نرى أغلب الأحكام الشرعيّة مستمرّة بسبب دليله الأوّل ، بمعنى أنّها ليست أحكاما آنيّة مختصّة بآن الصدور ، بل يفهم من حاله من جهة أمر خارجي عن الدليل أنّه يريد استمرار ذلك الحكم الأوّل من دون دلالة الحكم الأوّل على الاستمرار ، فإذا رأينا منه في مواضع عديدة أنّه اكتفى ـ حين إبداء الحكم ـ بالأمر المطلق القابل للاستمرار وعدمه ، ثمّ علمنا أنّ مراده من الأمر الأوّل الاستمرار ، نحكم فيما لم يظهر مراده ، بالاستمرار ؛ إلحاقا بالأغلب ، فقد حصل الظنّ بالدليل وهو قول الشارع بالاستمرار. وكذلك الكلام في موضوعات الأحكام من الامور الخارجيّة ؛ فإنّ غلبة البقاء يورث الظنّ القوي ببقاء ما هو مجهول الحال (٢) ، انتهى.
فيظهر وجه ضعف هذا التوجيه أيضا ممّا أشرنا إليه. توضيحه : أنّ الشكّ في الحكم الشرعيّ قد يكون من جهة الشكّ في مقدار استعداده ، وقد يكون من جهة الشكّ في تحقق الرافع ، أمّا الأوّل ، فليس فيه نوع ولا صنف مضبوط من حيث