السابقة بقول مطلق (٢١٩٠) ، ففيه اوّلا : أنّا لا نعلم بقاء الأغلب في زمان الشكّ. وثانيا : لا ينفع بقاء الأغلب في إلحاق المشكوك ؛ للعلم بعدم الرابط (٢١٩١) بينها ، وعدم استناد البقاء فيها إلى جامع كما لا يخفى ، بل البقاء في كلّ واحد منها مستند إلى ما هو مفقود في غيره ، نعم ، بعضها مشترك (٢١٩٢) في مناط البقاء.
وبالجملة ، فمن الواضح أنّ بقاء الموجودات المشاركة مع نجاسة الماء المتغيّر في الوجود ـ من الجواهر والأعراض ـ في زمان الشكّ في النجاسة ؛ لذهاب التغيّر المشكوك مدخليّته في بقاء النجاسة ، لا يوجب الظنّ ببقائها وعدم مدخليّة التغيّر فيها. وهكذا الكلام في كلّ ما شكّ في بقائه لأجل الشكّ في استعداده للبقاء.
وإن اريد به ما وجّه به كلام السيّد المتقدّم صاحب القوانين ـ بعد ما تبعه في الاعتراف بأنّ هذا الظن ليس منشؤه محض الحصول في الآن السابق ؛ لأنّ ما ثبت جاز أن يدوم وجاز أن لا يدوم ـ قال : بل لأنّا لمّا فتّشنا الامور الخارجيّة من الأعدام والموجودات وجدناها مستمرّة بوجودها الأوّل على حسب استعداداتها وتفاوتها في مراتبها ، فنحكم فيما لم نعلم حاله بما وجدناه في الغالب ؛ إلحاقا له بالأعمّ الأغلب.
ثمّ إنّ كلّ نوع من أنواع الممكنات يلاحظ زمان الحكم ببقائه بحسب ما غلب في أفراد ذلك النوع ؛ فالاستعداد الحاصل للجدران القويمة يقتضي مقدارا من البقاء بحسب العادة ، والاستعداد الحاصل للإنسان يقتضي مقدارا منه ، وللفرس مقدارا
______________________________________________________
استصحابه. ويؤيّده قوله : «وبالجملة فمن الواضح ...». ويرد عليه ـ مضافا إلى ما أشار إليه المصنّف رحمهالله ـ منع البقاء ، لانقضاء أكثر المخلوقات إلى زماننا هذا ، لوضوح عدم بقاء جميع ما خلق الله تعالى من بدو الخلقة إلى يومنا هذا.
٢١٩٠. أي : مع قطع النظر عن اتّحاد الصنف.
٢١٩١. لاختلاف مقتضيات البقاء في أصناف الموجودات غاية الاختلاف.
وقد تقدّم وجه الحاجة إلى فرض الرابط والجامع.
٢١٩٢. لتقاربها واتّحاد صنفها.