الصلوات المتعدّدة بتيمّم واحد : «نعم ، ما لم يحدث أو يجد ماء» ، لأنّ المراد من ذلك تحديد الحكم بزوال المقتضي أو طروّ الرافع (٢٢٠٢).
وكيف كان ، فإن كان محلّ الكلام في الاستصحاب ما كان من قبيل هذا المثال فالحقّ مع المنكرين ؛ لما ذكروه. وإن شمل ما كان من قبيل تمثيلهم الآخر ـ وهو الشكّ في ناقضيّة الخارج من غير السبيلين ـ قلنا : إنّ إثبات الحكم بعد خروج الخارج ليس من غير دليل ، بل الدليل ما ذكرنا من الوجوه الثلاثة ، مضافا إلى إمكان التمسّك بما ذكرنا في توجيه كلام المحقّق رحمهالله في المعارج ، لكن عرفت ما فيه من التأمّل.
ثمّ إنّه أجاب في المعارج عن الدليل المذكور ب «أنّ قوله : «عمل بغير دليل» غير مسلّم (*) ؛ لأنّ الدليل دلّ على أنّ الثابت لا يرتفع إلّا برافع ، فإذا كان التقدير تقدير عدمه كان بقاء الثابت راجحا في نظر المجتهد ، والعمل بالراجح لازم (٥) ، انتهى. وكأنّ مراده بتقدير عدم الرافع عدم العلم به ، وقد عرفت ما في دعوى حصول الظنّ بالبقاء بمجرد ذلك ، إلّا أن يرجع إلى عدم الدليل بعد الفحص الموجب للظنّ بالعدم.
ومنها : أنّه لو كان الاستصحاب حجّة لوجب فيمن علم زيدا في الدار ولم يعلم بخروجه منها أن يقطع ببقائه (٢٢٠٣) فيها ، وكذا كان يلزم إذا علم بأنّه حيّ ثمّ انقضت مدّة لم يعلم فيها بموته أن يقطع ببقائه ، وهو باطل. وقال في محكيّ الذريعة :
______________________________________________________
يصلي الرجل بوضوء واحد صلاة الليل والنهار كلّها؟ قال : نعم ، ما لم يحدث. قال : فيصلّي بتيمّم واحد صلاة الليل والنهار كلّها؟ قال : نعم ، ما لم يحدث أو يصب ماء. قلت : فإن أصاب الماء ، ورجا أن يقدر على ماء آخر ، وظنّ أنّه يقدر كلّما أراد فعسر عليه؟ قال : ينقض ذلك تيمّمه ، وعليه أن يعيد تيمّمه ...».
٢٢٠٢. وكذا التعبير بالنقض في الحديث المتقدّم في الحاشية السابقة.
٢٢٠٣. هذا ينافي ما تقدّم من المصنّف رحمهالله فيما أورده على الدليل الثاني من أدلّة القول الأوّل ، من عدم ظهور دعوى حصول القطع من الاستصحاب من أحد.
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «مسلم» ، غير مستقيم.