قد ثبت في العقول أنّ من شاهد زيدا في الدار ثمّ غاب عنه لم يحسن اعتقاد استمرار كونه في الدار إلّا بدليل متجدّد ، ولا يجوز استصحاب الحال الاولى وقد صار كونه في الدار في الزمان الثاني وقد زالت الرؤية ، بمنزلة كون عمرو فيها مع فقد الرؤية (٦).
وأجاب في المعارج عن ذلك : ب «أنّا لا ندّعي القطع ، لكن ندّعي رجحان الاعتقاد ببقائه ، وهذا يكفي في العمل به. أقول : قد عرفت ممّا سبق منع حصول الظنّ كلّية (٢٢٠٤) ومنع حجّيته.
ومنها : أنّه لو كان حجّة لزم التناقض ؛ إذ كما يقال كان للمصلّي قبل وجدان الماء المضيّ في صلاته فكذا بعد الوجدان ، كذلك يقال : إنّ وجدان الماء قبل الدخول في الصلاة كان ناقضا للتيمّم فكذا بعد الدخول ، أو يقال : الاشتغال بصلاة متيقّنة ثابت قبل فعل هذه الصلاة فيستصحب. قال في المعتبر : استصحاب الحال ليس حجّة ؛ لأنّ شرعيّة الصلاة بشرط عدم الماء لا يستلزم الشرعيّة معه ، ثمّ إنّ مثل هذا لا يسلم عن المعارض ؛ لأنّك تقول : الذمّة مشغولة بالصلاة قبل الإتمام فكذا بعده (٧) ، انتهى.
وأجاب عن ذلك في المعارج بمنع وجود المعارض في كلّ مقام ، ووجود المعارض في الأدلّة المظنونة لا يوجب سقوطها حيث تسلم عن المعارض.
أقول : لو بني على معارضة الاستصحاب بمثل استصحاب الاشتغال لم يسلم الاستصحاب في أغلب الموارد عن المعارض ؛ إذ قلّما ينفكّ مستصحب عن أثر حادث يراد ترتّبه على بقائه (٢٢٠٥) ، فيقال : الأصل عدم ذلك الأثر. والأولى في الجواب :
______________________________________________________
٢٢٠٤. الأولى أن يقول : كلّيا بدل كلّية.
٢٢٠٥. المراد بهذا الأثر الحادث هو الأثر الذي لم يكن مترتّبا على المستصحب في زمان اليقين به ، بل كان ترتّبه عليه معلّقا على وجود أمر غير موجود في ذلك الزمان ، واريد ترتّبه عليه في زمان الشكّ لأجل تحقّق الأمر المعلّق عليه حينئذ ، كاستصحاب حياة زيد لتوريثه من مورّث مات في زمان الشكّ في حياته ، واستصحاب طهارة الماء لإثبات حصول الطهارة للثوب النجس المغسول به ، وكذا استصحاب نجاسة ما لاقى شيئا طاهرا ، وهكذا ، فإنّ هذه استصحابات