نعم ، ذكر في العدّة ـ انتصارا للقائل بحجّيته ـ ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله من : " أنّ الشيطان ينفخ بين أليتي المصلّي فلا ينصرفنّ أحدكم إلّا بعد أن يسمع صوتا أو يجد ريحا" (٥). ومن العجب أنّه (٢٠٢٣) انتصر بهذا الخبر الضعيف المختصّ بمورد خاصّ ، ولم يتمسّك بالأخبار الصحيحة العامّة المعدودة في حديث الأربعمائة من أبواب العلوم.
وأوّل من تمسّك بهذه الأخبار ـ فيما وجدته ـ والد الشيخ البهائي قدسسره فيما حكي عنه في العقد الطهماسبي ، وتبعه صاحب الذخيرة وشارح الدروس ، وشاع بين من تأخّر عنهم. نعم ، ربّما يظهر من الحليّ في السرائر الاعتماد على هذه الأخبار ؛ حيث عبّر عن استصحاب نجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره من قبل نفسه ب : " عدم نقض اليقين إلّا باليقين" ، وهذه العبارة الظاهر أنّها مأخوذة من الأخبار.
الثاني : أن عدّ الاستصحاب ـ على تقدير (٢٠٢٤) اعتباره من باب إفادة الظنّ ـ
______________________________________________________
من جهة العقل والشرع. وكيف كان ، لا يسعني المجال في الحال للمتتبّع في كتب القوم لينكشف به الحجاب عن وجه المرام.
٢٠٢٣. فيه ما لا يخفى ، لأنّ الشيخ لم ينتصر بالخبر المذكور للقول باعتبار الاستصحاب ، وإنّما ذكره من جملة أدلّة القول باعتباره. قال : «واستدلّ من نصر استصحاب الحال بما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله ...».
٢٠٢٤. اعلم أنّ دليل كلّ شيء لا بدّ أن يكون مركّبا من صغرى وكبرى كلّية ، فإن كانت كلّ واحدة منهما عقليّة محضة يسمّى الدليل حينئذ عقليّا ، مثل قولنا : العالم ممكن ، وكلّ ممكن له مؤثّر. وإن كانت إحداهما عقليّة والاخرى نقليّة ، يسمّى الدليل حينئذ بالمركّب من العقلي والنقلي ، مثل قولنا : الوضوء عمل ، وكلّ عمل لا يصحّ إلّا بالنيّة ، لقوله صلىاللهعليهوآله : «إنّما الأعمال بالنيّات».
وليس من الأدلّة ما يكون نقليّا محضا. وعلّله المحقّق الطوسي رحمهالله باستلزامه الدور ، لأنّ النقلي الصرف لا يفيد إلّا بعد العلم بصدق الرسول صلىاللهعليهوآله ، والعلم بصدقه لا يستفاد من العقل على هذا التقدير ، وإلّا لم يكن نقليّا صرفا ، بل لا بدّ وأن