ليس وظيفة للشارع ولا لأحد من قبله. نعم ، حكم المشتبه حكمه الجزئي ـ كمشكوك النجاسة أو الحرمة ـ حكم شرعيّ كلّي ليس بيانه وظيفة إلّا للشارع. وكذلك الموضوع الخارجي كرطوبة الثوب ، فإنّ بيان ثبوتها وانتفائها في الواقع ليس وظيفة للشارع. نعم ، حكم الموضوع المشتبه في الخارج كالمائع المردّد بين الخلّ والخمر ، حكم كلّي ليس بيانه وظيفة إلّا للشارع ، وقد قال الصادق عليهالسلام : «كلّ شيء لك حلال حتّى تعلم أنّه حرام ، وذلك مثل الثوب يكون عليك ...» ، وقوله في خبر آخر : «ساخبرك عن الجبن وغيره» (١٠).
ولعلّ التوهّم نشأ من تخيّل أنّ ظاهر «لا تنقض» إبقاء نفس المتيقّن السابق ، وليس إبقاء الرطوبة ممّا يقبل حكم الشارع بوجوبه. ويدفعه ـ بعد النقض بالطهارة المتيقّنة سابقا ؛ فإنّ إبقائها ليس من الأفعال الاختياريّة القابلة للإيجاب ـ : أنّ المراد من الإبقاء (٢٢٢٥) وعدم النقض هو ترتيب الآثار الشرعيّة المترتّبة على المتيقّن ، فمعنى استصحاب الرطوبة ترتيب آثارها الشرعيّة في زمان الشكّ ، نظير استصحاب الطهارة ، فطهارة الثوب ورطوبته سيّان في عدم قابلية الحكم بإبقائهما عند الشك ، وفي قابليّة الحكم بترتيب آثارهما الشرعيّة في زمان الشك ، فالتفصيل بين كون المستصحب من قبيل رطوبة الثوب وكونه من قبيل طهارته ـ لعدم شمول أدلّة «لا تنقض» للأوّل ـ في غاية الضعف.
______________________________________________________
٢٢٢٥. فإن قلت : على هذا المعنى يلزم الإضمار ، بخلاف ما لو اختصّت الأخبار بالأحكام الشرعيّة ، لأنّ المراد بالإبقاء حينئذ هو جعل الوجود الثاني للحكم في زمان الشكّ ، والتخصيص أولى من الإضمار. مع أنّها على تقدير شمولها للامور الخارجة يلزم استعمال اللفظ في معنيين ، أعني : ترتيب الآثار الشرعيّة بالنسبة إلى الامور الخارجة ، وجعل الوجود الثاني بالنسبة إلى الأحكام.
قلت : نمنع الإضمار ، وكذا لزوم استعمال اللفظ في معنيين ، لأنّ المراد باليقين ـ كما أشار إليه المصنّف رحمهالله سابقا ـ هو المتيقّن الشامل للأحكام الكلّية والموضوعات الخارجة ، والمراد بإبقائه معنى عامّ ـ من باب عموم المجاز ـ شامل