الغيبة عنهما. وأهملوا قاعدة «البناء على اليقين السابق» ؛ لعدم دلالة العقل عليه ولا النقل ، بناء على عدم التفاتهم إلى الأخبار المذكورة ؛ لقصور دلالتها عندهم ببعض ما أشرنا إليه سابقا ، أو لغفلتهم عنها (٢٢٣٣) على أبعد الاحتمالات عن ساحة من هو دونهم في الفضل. وهذا المحدّث قد سلّم دلالة الأخبار على وجوب البناء على اليقين السابق وحرمة نقضه مع اتّحاد الموضوع ، إلّا أنّه ادّعى تغاير موضوع المسألة المتيقّنة والمسألة المشكوكة ، فالحكم فيها بالحكم السابق ليس بناء على اليقين السابق ، وعدم الحكم به ليس نقضا له.
فيرد عليه أوّلا : النقض بالموارد التي ادّعى الإجماع والضرورة على اعتبار الاستصحاب فيها ـ كما حكيناها عنه سابقا ـ فإنّ منها استصحاب الليل والنهار ؛ فإنّ كون الزمان المشكوك ليلا أو نهارا أشدّ تغايرا (٢٢٣٤) واختلافا مع كون الزمان السابق كذلك (٢٢٣٥) من ثبوت خيار الغبن (٢٢٣٦) أو الشفعة في الزمان المشكوك وثبوتهما في الزمان السابق.
______________________________________________________
٢٢٣٣. قد أشرنا في بعض الحواشي السابقة إلى أنّ الظاهر أنّ عدم ذكر العلماء للأخبار في المقام ليس لأجل غفلتهم عنها ، بل من جهة أنّ القاعدة المستفادة من الأخبار المسمّاة بقاعدة اليقين معدودة عندهم في عداد القواعد الشرعيّة ، ومقصودهم في المقام بيان القاعدة المستدلّ عليها بالعقل المسمّاة عندهم بالاستصحاب ، وقد ذكرنا سابقا شطرا ممّا يشهد بذلك. ويؤيّد تغاير القاعدتين أيضا عندهم قول الأمين الأسترآبادي هنا : «وتارة بأنّ استصحاب الحكم الشرعيّ وكذا الأصل ...» إلى آخر ما ذكره ، فتدبّر. ثمّ إنّ الأولى للمصنّف رحمهالله أن يقول : الاحتمالين بدل الاحتمالات.
٢٢٣٤. لكون الزمان متجدّدا آناً فآنا ، فالثاني منه غير الأوّل ، فكيف يحكم بوجود الليل والنهار وبقائهما إلى زمان الشكّ فيهما؟
٢٢٣٥. أي : ليلا ونهارا.
٢٢٣٦. الذي ينكر المحدّث المذكور جريان الاستصحاب فيه ، لكون مورده من الأحكام الكلّية.