الإباحة. والسادس الأحكام الوضعيّة ، كالحكم على الشيء بأنّه سبب لأمر أو شرط له أو مانع له. والمضايقة بمنع أنّ الخطاب الوضعي داخل في الحكم الشرعيّ ممّا لا يضرّ فيما نحن بصدده.
إذا عرفت هذا ، فإذا ورد أمر بطلب شيء ، فلا يخلو إمّا أن يكون موقّتا أم لا. وعلى الأوّل ، يكون وجوب ذلك الشيء أو ندبه في كلّ جزء من أجزاء ذلك الوقت ثابتا بذلك الأمر ، فالتمسّك في ثبوت ذلك الحكم في الزمان الثاني بالنصّ ، لا بالثبوت في الزمان الأوّل حتّى يكون استصحابا ، وهو ظاهر. وعلى الثاني ، أيضا كذلك إن قلنا بإفادة الأمر التكرار ، وإلّا فذمّة المكلّف مشغولة حتّى يأتي به في أيّ زمان كان. ونسبة أجزاء الزمان إليه نسبة واحدة في كونه أداء في كلّ جزء منها ، سواء قلنا بأنّ الأمر للفور أم لا.
والتوهّم : بأنّ الأمر إذا كان للفور يكون من قبيل الموقّت المضيّق ، اشتباه غير خفيّ على المتأمّل (٢٢٤٤). فهذا أيضا ليس من الاستصحاب في شيء.
ولا يمكن أن يقال : إثبات الحكم في القسم الأوّل فيما بعد وقته من الاستصحاب ؛ فإنّ هذا لم يقل به أحد ، ولا يجوز إجماعا. وكذا الكلام في النهي ، بل هو الأولى بعدم توهّم الاستصحاب فيه ؛ لأنّ مطلقه يفيد التكرار. والتخييري أيضا كذلك.
فالأحكام التكليفيّة الخمسة المجرّدة عن الأحكام الوضعيّة لا يتصوّر فيها الاستدلال بالاستصحاب. وأمّا الأحكام الوضعيّة ، فإذا جعل الشارع شيئا سببا لحكم من الأحكام الخمسة كالدلوك لوجوب الظهر ، والكسوف لوجوب صلاته ، والزلزلة لصلاتها ، والإيجاب والقبول لإباحة التصرّفات والاستمتاعات في الملك و
______________________________________________________
٢٢٤٤. هذا مبنيّ على القول بكون الأمر الفوري من قبيل تعدّد المطلوب ، نظير الحجّ ، فيجب الإتيان بالمأمور به في الزمان الثاني على تقدير المخالفة والإخلال به في الزمان الأوّل. وهكذا قوله : «والتخييري أيضا كذلك» يعني : لا بدّ أن ينظر في دليله المثبت له.