قال في الذكرى ـ بعد تقسيم حكم العقل الغير المتوقّف على الخطاب (٢٢٩٠) على خمسة أقسام : ما يستقلّ به العقل كحسن العدل ، والتمسّك بأصل البراءة ، وعدم الدليل دليل العدم ، والأخذ بالأقلّ عند فقد دليل على الأكثر ـ : الخامس أصالة بقاء ما كان ، ويسمّى استصحاب حال الشرع وحال الإجماع (٢٢٩١) في محلّ الخلاف ، مثاله : المتيمم ... ، واختلف الأصحاب في حجّيته ، وهو مقرّر في الاصول (١٥). انتهى. ونحوه ما حكي عن الشهيد الثاني في مسألة أنّ الخارج من غير السبيلين ناقض أم لا؟ وفي مسألة المتيمّم ... ، وصاحب الحدائق في الدرر النجفيّة (١٦) ، بل استظهر هذا من كلّ من مثّل لمحلّ النزاع بمسألة المتيمّم ، كالمعتبر والمعالم وغيرهما.
ولا بدّ من نقل عبارة الغزالي المحكية في النهاية حتّى يتّضح حقيقة الحال. قال الغزالي على ما حكاه في النهاية : المستصحب إن أقرّ بأنّه لم يقم دليلا في المسألة ، بل قال : أنا ناف (٢٢٩٢) ولا دليل على النافي ، فسيأتي بيان وجوب الدليل على النافي ، وإن ظنّ إقامة الدليل فقد أخطأ ؛ فإنّا نقول : إنّما يستدام الحكم الذي دلّ الدليل على دوامه (٢٢٩٣) ، وهو إن كان لفظ الشارع فلا بدّ من بيانه ، فلعلّه يدلّ على دوامها عند عدم الخروج من غير السبيلين لا عند وجوده. وإن دلّ بعمومه على دوامها عند العدم والوجود معا كان ذلك تمسّكا بالعموم ، فيجب إظهار دليل التخصيص. وإن كان بالإجماع فالإجماع إنّما انعقد على دوام الصلاة عند العدم (٢٢٩٤) دون الوجود ، ولو كان الإجماع شاملا حال الوجود كان المخالف خارقا للإجماع ،
______________________________________________________
٢٢٩٠. المتوقّف من حكم العقل على الخطاب الشرعيّ ، مثل وجوب المقدّمة وحرمة الضدّ والمفاهيم.
٢٢٩١. يحتمل أن يكون تعدّد التسمية باعتبار تعدّد أقسام الاستصحاب ، فلا تكون في كلامه حينئذ شهادة للمدّعى.
٢٢٩٢. يعني : لانتقاض الحالة الاولى.
٢٢٩٣. أي : الطهارة.
٢٢٩٤. أي : عدم الشرط ، وهو وجدان الماء.