وأمّا الوجه الثاني ، ففيه : أنّ منشأ العجب (٢٣٠٢) من تناقض قوليه ؛ حيث إنّ ما ذكره في استصحاب حال الإجماع من اختصاص دليل الحكم بالحالة الاولى ، بعينه موجود في بعض صور استصحاب حال غير الإجماع ، فإنّه إذا ورد النصّ على وجه يكون ساكتا بالنسبة إلى ما بعد الحالة الاولى ، كما إذا ورد أنّ الماء ينجس بالتغيّر ، مع فرض عدم إشعار فيه بحكم ما بعد زوال التغيّر ، فإنّ وجود هذا الدليل ـ بوصف كونه دليلا ـ مقطوع العدم في الحالة الثانية ، كما في الإجماع.
وأمّا قوله : " وغرضه من دلالة الدليل على الدوام كونه بحيث لو علم أو ظنّ بوجود المدلول في الآن الثاني ... إلى آخر ما ذكره". ففيه : أنّه إذا علم (٢٣٠٣) لدليل أو ظنّ لأمارة ، بوجود مضمون هذا الدليل الساكت ـ أعني النجاسة في المثال المذكور ـ فإمكان حمل هذا الدليل على الدوام ، إن اريد به إمكان كونه دليلا على
______________________________________________________
٢٣٠٢. قال في شرح الوافية بعد الردّ على الغزالي : «ثمّ إنّك إذا تأمّلت القولين للغزالي ـ أعني : قوله بحجّية استصحاب الحال ، وعدم حجّية استصحاب حال الإجماع ـ قضيت منه العجب ، لأنّ مبنى قوله الثاني إنّما هو اصول المنكرين لاستصحاب الحال ، كقوله : فإنّا نقول إنّما يستدام الحكم الذي دلّ الدليل على دوامه ، وكقوله : فإنّ كلّ ما ثبت جاز دوامه وعدمه ، فلا بدّ في دوامه من سبب ودليل سوى دليل الثبوت. اللهمّ إلّا أن يجمع بين قوليه ، بأنّ قوله بحجّية حال الاستصحاب» إلى آخر ما ذكر في المتن.
ثمّ إنّ قول المصنّف رحمهالله : «إنّ منشأ العجب ـ إلى قوله ـ وأمّا قوله ...» ، بيان وتوجيه لتعجّب السيّد الصدر من قولي الغزالي ، وليس إيرادا عليه ، وإن كان ظاهر العبارة موهما له. وقوله «من تناقض» خبر لأنّ.
٢٣٠٣. توضيحه : أنّ دليل الحالة الاولى لا يخلو : إمّا أن يشمل بعمومه أو إطلاقه الحالة الثانية ، وإمّا أن يدلّ على انتفاء مدلوله عنها بالمفهوم ونحوه ، وإمّا أن يكون مجملا بالنسبة إليها ، وإمّا أن يكون مهملا بالنسبة إليها ، كما إذا قيل : أكرم زيدا يوم الجمعة ، لأنّه لا يشمل يوم السبت ، بناء على عدم اعتبار مفهوم