التامّة التي من أجزائها عدم الرافع ، فعدم العلم به يوجب عدم العلم بتحقق العلّة التامّة ، إلّا أن يثبت التعبّد من الشارع بالحكم بالعدم عند عدم العلم به ، وهو عين الكلام في اعتبار الاستصحاب.
والاولى : الاستدلال له بما استظهرناه ـ من الروايات السابقة بعد نقلها ـ : من أنّ النقض رفع الأمر المستمرّ (٢٣٠٧) في نفسه وقطع الشيء المتّصل كذلك ، فلا بدّ أن يكون متعلّقه ما يكون له استمرار واتّصال ، وليس ذلك نفس اليقين ؛ لانتقاضه بغير اختيار المكلّف ، فلا يقع في حيّز التحريم ، ولا أحكام اليقين (٢٣٠٨) من حيث هو وصف من الأوصاف ؛ لارتفاعها بارتفاعه قطعا ، بل المراد به بدلالة الاقتضاء : الأحكام الثابتة للمتيقّن بواسطة اليقين ؛ لأنّ نقض اليقين (٢٣٠٩) بعد
______________________________________________________
٢٣٠٧. فيه نوع مسامحة ، لأنّ النقض ـ كما تقدّم ـ حقيقة في رفع الهيئة الاتّصاليّة في الامور الحسيّة ، ومجاز في رفع الأمر الثابت مع وجود المقتضي له. فإن أراد هنا بيان المعنى الحقيقي ، فلا يناسبه قوله : «رفع الأمر المستمرّ في نفسه» لأنّه إنّما يناسب معناه المجازي. وإن أراد بيان المعنى المجازي ، فلا يناسبه قوله : «قطع الشيء المتّصل كذلك» لأنّه إنّما يناسب معناه الحقيقي دون المجازي.
٢٣٠٨. توضيحه : أنّ الشارع إمّا أن يجعل الحكم ويرتّبه على موضوعه الواقعي ، من دون مدخليّة للعلم والجهل فيه أصلا إلّا من حيث التنجّز وعدمه. وإمّا يرتّبه على موضوعه بشرط العلم به أو بوصف كونه معلوما. وعلى الثاني لا معنى للاستصحاب ، للقطع بوجود الحكم مع العلم بموضوعه ، وبعدمه مع الشكّ فيه. وعلى الأوّل ، إمّا أن يكون أحكام الموضوع كيفيّة من الامور المستمرّة أو لا. وعلى الثاني لا دليل على اعتباره فيه ، لظهور النقض المنهيّ عنه في الأخبار في الأوّل خاصّة.
٢٣٠٩. هذا إنّما يتمّ في الاستصحاب الجاري في الموضوعات الخارجة دون الأحكام الكلّية ، لأنّ إرادة أحكام المتيقّن من متعلّق اليقين في الموضوعات الخارجة إنّما هو لأجل عدم قابليّة نفس الموضوعات الخارجة للجعل الشرعيّ في زمان