المحقّق القمّي قدسسره في القوانين وحاشيته : من أنّ مسائل الاصول ما يبحث فيها عن حال الدليل بعد الفراغ عن كونه دليلا ، لا عن دليليّة الدليل. وعلى ما ذكره قدسسره ، فيكون مسألة الاستصحاب كمسائل حجّية الأدلّة الظنّية ـ كظاهر الكتاب وخبر الواحد ونحوهما ـ من المبادئ التصديقيّة للمسائل الاصوليّة ، وحيث لم تتبيّن في علم آخر احتيج إلى بيانها في نفس العلم ، كأكثر المبادئ التصوّريّة. نعم ذكر بعضهم : «أنّ موضوع الاصول ذوات الأدلّة من حيث يبحث عن دليليّتها أو عمّا يعرض لها بعد الدليليّة» (٦). ولعلّه موافق لتعريف (٢٠٢٨) الاصول بأنّه : " العلم بالقواعد الممهّدة
______________________________________________________
عن تعيين الموضوع داخل في المبادي.
وحكي عن المصنّف رحمهالله الجواب عن الإيرادين السابقين ، بأنّ المراد بالأدلّة الّتي هي موضوع علم الاصول هي الأدلّة الواقعيّة التي ثبتت دليليّتها في نفس الأمر وعلمناها إجمالا ، والبحث عن حجّية دليليّة شيء في الظاهر بحث عن أحوال الأدلّة الواقعيّة من حيث الانطباق على المبحوث عنه وعدمه.
وأنت خبير بأنّ هذا الوجه إنّما يدفع الإيراد الأوّل دون الثاني. نعم ، يدفعه أيضا على تقدير كون البحث عن دليل العقل بحثا عن حجّية حكمه لا عن إدراكه.
٢٠٢٨. تقريب الموافقة : أنّ قولنا : الكتاب حجّة أو السنّة حجّة يصدق عليه أنّه من القواعد الممهّدة للاستنباط ، وهو إنّما يتمّ على تقدير كون المراد بالأدلّة الّتي هي موضوع علم الاصول ذواتها لا بوصف كونها أدلّة ، وإلّا لم يصحّ الحمل ، إذ لو كان المراد بالكتاب مثلا ـ الذي هو الموضوع ـ هو ذلك بوصف كونه حجّة ودليلا لزم حمل الشيء على نفسه. ولكن في كلام المصنّف رحمهالله إشارة إلى عدم الجزم بذلك. ولعلّ الوجه فيه احتمال كون المراد بالقواعد الممهّدة هي القضايا التي كانت محمولاتها من عوارض موضوعاتها بوصف دليليّتها ، مثل قولنا : لا يجوز النسخ بخبر الواحد ، وقولنا : يجوز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ونحوهما. ولكن فيه ما