ثمّ قال : إنّ الخبر المذكور إنّما يدلّ على النهي عن نقض اليقين بالشكّ ، وذلك إنّما يعقل في القسم الأوّل من تلك الأقسام الأربعة دون غيره ؛ لأنّ في غيره لو نقض الحكم بوجود الأمر الذي شكّ في كونه رافعا لم يكن النقض بالشكّ ، بل إنّما يحصل النقض باليقين بوجود ما شكّ في كونه رافعا أو باليقين بوجود ما يشكّ في استمرار الحكم معه ، لا بالشكّ ؛ فإنّ الشك في تلك الصور كان حاصلا من قبل ولم يكن بسببه (٢٣٢٢) نقض ، وإنّما يعقل النقض حين اليقين بوجود ما يشكّ في كونه رافعا للحكم بسببه ؛ لأنّ الشيء إنّما يستند إلى العلّة التامّة أو الجزء الأخير منها ، فلا يكون في تلك الصور نقض اليقين بالشكّ ، وإنّما يكون ذلك في صورة خاصّة دون غيرها (٢٠). انتهى كلامه ، رفع مقامه.
أقول : ظاهره تسليم صدق النقض في صورة الشكّ في استمرار الحكم فيما عدا القسم الأوّل أيضا ، وإنّما المانع عدم صدق النقض بالشكّ فيها. ويرد عليه أوّلا (٢٣٢٣) : أنّ الشكّ واليقين قد يلاحظان بالنسبة إلى الطهارة مقيّدة بكونها قبل حدوث ما يشكّ في كونه رافعا ، ومقيّدة بكونها بعده ، فيتعلّق اليقين بالاولى والشكّ بالثانية ، واليقين والشكّ بهذه الملاحظة يجتمعان في زمان واحد ـ سواء كان قبل حدوث
______________________________________________________
رافعيّة عنوان له ويشكّ في فرديّة الطاري له ، إمّا لاشتمال العنوان على ضرب من الإجمال ، كالمتيمّم بالحجر عند من يشكّ في شمول الصعيد له ، وكالتطهير في ماء يشتمل على مقدار معلوم عند من يشكّ في كون ذلك المقدار كرّا ، أو لتوقّفه على اعتبار أمر غير حاصل ، كما لو شكّ المتطهّر في كون الخارج منه بولا أو دما مع إمكان التمييز بالمشاهدة وعدمه ، وكالمتيمّم بما يشكّ في كونه أرضا أو معدنا ، أو يثبت عروض شيء ويشكّ في رافعيّته ابتداء ، أي : لا من جهة تحقّق رافعيّة عنوان يشكّ في اندراجه فيه ، كالشكّ في ناقضيّة المذي للطهارة مع العلم بخروجه» انتهى.
٢٣٢٢. متعلّق بالنقض ، والضمير عائد إلى اليقين.
٢٣٢٣. إليه يرجع ما أورده عليه أيضا في الفصول من «أنّ اليقين في أخبار الباب ظاهر في اليقين الفعلي لا التقديري ، وكذلك الظاهر من عدم نقضه بالشكّ