" اليقين لا ينقض بالشك".
فإن قلت : هذا كما يدلّ على المعنى الذي ذكرته ، كذلك يدلّ على المعنى الذي ذكره القوم ؛ لأنّه إذا حصل اليقين في زمان فلا ينبغي أن ينقض في زمان آخر بالشك نظرا إلى الروايات ، وهو بعينه ما ذكروه. قلت : الظاهر أنّ المراد من عدم نقض اليقين بالشك أنّه عند التعارض لا ينقض به ، والمراد بالتعارض أن يكون شيء (٢٣٣٢) يوجب اليقين لو لا الشك.
وفيما ذكروه ليس كذلك ؛ لأنّ اليقين بحكم في زمان ليس ممّا يوجب حصوله في زمان آخر لو لا عروض الشك ، وهو ظاهر.
فإن قلت : هل الشكّ في كون الشىء مزيلا للحكم مع العلم بوجوده كالشك في وجود المزيل أو لا؟ قلت : فيه تفصيل (٢٣٣٣) ؛ لأنّه إن ثبت بالدليل أنّ ذلك الحكم مستمرّ إلى غاية معيّنة في الواقع ، ثمّ علمنا صدق تلك الغاية على شيء و
______________________________________________________
٢٣٣٢. أي : دليل يقتضي الحكم.
٢٣٣٣. لا يخفى أنّه إذا ثبت حكم إلى غاية معيّنة ، كعدم جواز الدخول في الصلاة مع الحدث إلى زمان حصول الطهارة ، قد يحصل الشكّ في حدوث الغاية ، وهو واضح.
وقد يحصل في صدق الغاية على شيء مع العلم بصدقها على شيء آخر ، وهو على قسمين :
أحدهما : أن يكون الشكّ ناشئا من إجمال مفهوم الغاية ، كالتيمّم بالحجر عند من يشكّ في شمول الصعيد له ، والتطهير في ماء له مقدار معلوم عند من يشكّ في كون هذا المقدار كرّا.
وثانيهما : أن يكون الشكّ ناشئا من اشتباه المصداق الخارجي ، كالتطهير في ماء مشكوك الكرّية.
وقد يحصل في كون شيء غاية له ابتداء بعد العلم بأنّ له غاية اخرى مستقلّة ، كما إذا علمنا بكون الماء المطلق مزيلا للنجاسة ، وشككنا في إزالة ماء الكبريت و