أقول : لقد أجاد فيما أفاد ، وجاء بما فوق المراد ، إلّا أنّ في كلامه مواقع للتأمّل ، فلنذكر مواقعه ونشير إلى وجهه ، فنقول : قوله : " وذهب بعضهم إلى حجّيته في القسم الأوّل". ظاهره كصريح ما تقدّم منه في حاشيته الاخرى ، وجود القائل بحجّية الاستصحاب في الأحكام الشرعيّة الجزئية كطهارة هذا الثوب ، والكلّيّة كنجاسة المتغيّر بعد زوال التغيّر ، وعدم الحجّية في الامور الخارجية ، كرطوبة الثوب وحياة زيد.
وفيه نظر (٢٣٣٩) ، يعرف بالتتبّع في كلمات القائلين بحجّية الاستصحاب وعدمها ، والنظر في أدلّتهم ، مع أنّ ما ذكره في الحاشية الأخيرة ـ دليلا لعدم الجريان في الموضوع ـ جار في الحكم الجزئي أيضا ؛ فإنّ بيان وصول النجاسة إلى هذا الثوب الخاص واقعا وعدم وصولها ، وبيان نجاسته المسبّبة عن هذا الوصول وعدمها لعدم
______________________________________________________
الأوّل من المسائل الفرعيّة ، لكون الشبهة حينئذ في واقعة شخصيّة ، وموضوع الحكم المستفاد من الاستصحاب الجاري في الوقائع الشخصيّة عمل المكلّف ، فيدخل في المسائل الفرعيّة ، بخلاف الشبهة في كون شيء مزيلا مستقلا كما في الوجه الثاني ، لكون الشبهة حينئذ متعلّقة بأمر كلّي ، لكون الشبهة حينئذ حكميّة لا موضوعيّة ، وإجراء الاستصحاب في الأحكام الكلّية داخل في المسائل الاصوليّة ، وحينئذ يمكن إثبات اعتبار الاستصحاب في الأوّل بخبر الواحد ، لما عرفت من كونه حينئذ فرعيّا ، بخلاف الثاني.
هذا غاية ما يخطر بالبال في توجيه كلامه وتوضيحه. وقد ظهر بما ذكرناه هنا وفي الحاشية السابقة توافق كلامه ، وأنّ مقصوده هنا بيان جريان الاستصحاب عند الشكّ في وجود الغاية ، وعدمه عند الشكّ في كون شيء غاية مستقلّة ، وأنّه موافق لما حكاه عنه في شرح الدروس ، فلا يرد حينئذ ما توهّمه الفاضل النراقي من كون تصريحه هنا بجريان الاستصحاب ، مع تعلّق الشكّ بكون شيء غاية ، مناقضا لما ذكره في شرح الدروس من منع ذلك ، فتأمّل.
٢٣٣٩. لا يخفى أنّ إنكار وجود قائل بهذا القول لا يناسب عدّه من جملة أقوال