تحقّق المعصية ، ولا دخل له بما ذكره في الأمر.
وإن كان تخييرا (٢٣٤٩) ، فالأصل فيه وإن اقتضى عدم حدوث حكم ما بعد الغاية للفعل عند الشكّ فيها ، إلّا أنّه قد يكون حكم ما بعد الغاية تكليفا منجّزا يجب فيه الاحتياط ، كما إذا أباح الأكل إلى طلوع الفجر مع تنجّز وجوب الإمساك من طلوع الفجر إلى الغروب عليه ؛ فإنّ الظاهر لزوم الكفّ من الأكل عند الشكّ. هذا كلّه إذا لوحظ الفعل المحكوم عليه بالحكم الاقتضائي أو التخييري أمرا واحدا مستمرّا.
وأمّا الثاني ، وهو ما لوحظ فيه الفعل امورا متعدّدة ، كلّ واحد منها متّصف بذلك الحكم غير مربوط بالآخر ، فإن كان أمرا أو نهيا فأصالة الإباحة والبراءة قاضية بعدم الوجوب والحرمة في زمان الشكّ ، وكذلك أصالة الإباحة في الحكم التخييري ، إلّا إذا كان الحكم فيما بعد الغاية تكليفا منجزا يجب فيه الاحتياط.
فعلم ممّا ذكرنا أنّ ما ذكره من الوجه الأوّل الراجع إلى وجوب تحصيل الامتثال لا يجري إلّا في قليل من الصور المتصوّرة في المسألة ، ومع ذلك فلا يخفى أنّ
______________________________________________________
زمان الشكّ مندفع بالأصالة المزبورة.
ثمّ إنّ مقصوده بأصالة عدم استحقاق العقاب والمعصية هو أصالة عدم ملزومهما ، وهي الحرمة التي يترتّب على مخالفتها استحقاق العقاب والمعصية. وبعبارة اخرى : إنّ المراد بها أصالة البراءة عن الحرمة ، وإلّا فهما من الامور العقليّة التابعة لتحقّق عدم المخالفة ، وليسا قابلين لاستصحابهما.
٢٣٤٩. توضيحه : أنّ ما قبل الغاية إذا كان مباحا فلا يخلو ما بعدها : إمّا أن يكون مستحبّا أو مكروها أو واجبا أو حراما. ومع الشكّ في وجود الغاية فعلى الأوّلين لا إشكال في الحكم بالتخيير ، لأنّ الفعل على الأوّل والترك على الثاني وإن كانا راجحين عقلا ، لاحتمال الاستحباب والكراهة ، إلّا أنّه لا ينافي التخيير والإباحة بالمعنى الأعمّ. وأمّا الثالث والرابع فيجب الفعل على الأوّل والترك على الثاني من باب المقدّمة ، فلا وجه لإطلاق القول بالتخيير ، لأصالة البراءة حتّى بالنسبة إليهما.