إثبات الحكم في زمان الشكّ بقاعدة الاحتياط كما في الاقتضائي ، أو قاعدة الإباحة والبراءة كما في الحكم التخييري ، ليس قولا بالاستصحاب المختلف فيه أصلا ؛ لأنّ مرجعه إلى أنّ إثبات الحكم في الزمان الثاني يحتاج إلى دليل يدلّ عليه ولو كان أصالة الاحتياط أو البراءة ، وهذا عين إنكار الاستصحاب ؛ لأنّ المنكر (*) يرجع إلى اصول أخر ، فلا حاجة إلى تطويل الكلام وتغيير اسلوب كلام المنكرين في هذا المقام.
بقي الكلام في توجيه ما ذكره : من أنّ الأمر في الحكم التخييري أظهر ، ولعلّ الوجه فيه (٢٣٥٠) : أنّ الحكم بالتخيير في زمان الشكّ في وجود الغاية مطابق لأصالة الإباحة الثابتة بالعقل والنقل ، كما أنّ الحكم بالبقاء في الحكم الاقتضائي كان مطابقا لأصالة الاحتياط الثابتة في المقام بالعقل والنقل.
______________________________________________________
٢٣٥٠. قد ذكر الفاضل النراقي هذا الوجه في حاشية المنهاج. وأنت خبير بأنّ غايته إثبات التسوية لا الأظهريّة. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ القول بأصالة البراءة عند الشكّ في وجود الغاية أو مصداقها الخارجي ـ المندرجين في الشبهات الموضوعيّة ـ فيما كان الشكّ فيه في المكلّف به غير الإلزامي ، أظهر من القول بوجوب الاحتياط فيهما فيما كان الشكّ فيه في المكلّف به الإلزامي ، لمخالفة جماعة من الاصوليّين في الثاني ، بخلاف الأوّل ، لعدم الخلاف فيه حتّى من الأخباريّين.
وفيه : أنّ مخالفة من خالف في وجوب الموافقة القطعيّة في موارد الشكّ في المكلّف به ، إنّما هو بزعم عدم ثبوت التكليف بالواقع بحيث لا يتغيّر بالعلم والجهل أصلا ، والمفروض في كلام المحقّق الخوانساري ثبوت التكليف في الواقع إلى غاية معيّنة من دون مدخلية للعلم والجهل فيها من رأس.
والأنسب بالمقام هو لفظ «كذلك» كما نقله المحقّق القمّي بدل لفظ «أظهر». والمراد تشبيه الشكّ في غاية الحكم التخييري بالشكّ في غاية الحكم
__________________
(*) في بعض النسخ زيادة : للاستصحاب لا بدّ أن.