وقد وجّه المحقق القميّ قدسسره إلحاق الحكم التخييري بالاقتضائي : بأنّ مقتضى التخيير إلى غاية وجوب الاعتقاد بثبوته في كلّ جزء ممّا قبل الغاية ، ولا يحصل اليقين بالبراءة من التكليف باعتقاد التخيير عند الشكّ في حدوث الغاية إلّا بالحكم بالإباحة واعتقادها في هذا الزمان أيضا (٢٣).
وفيه : أنّه إن اريد وجوب الاعتقاد بكون الحكم المذكور ثابتا إلى الغاية المعيّنة ، فهذا الاعتقاد موجود (٢٣٥١) ولو بعد القطع بتحقق الغاية فضلا عن صورة الشكّ فيه ؛ فإنّ هذا اعتقاد بالحكم الشرعيّ الكليّ ووجوبه غير مغيّا بغاية ؛ فإنّ الغاية غاية للمعتقد لا لوجوب الاعتقاد. وإن اريد وجوب الاعتقاد بذلك الحكم التخييري في كلّ جزء من الزمان الذي يكون في الواقع مما قبل الغاية وإن لم يكن معلوما عندنا ، ففيه : أنّ وجوب الاعتقاد في هذا الجزء المشكوك بكون الحكم فيه هو الحكم الأوّلي أو غيره ممنوع جدّا ، بل الكلام في جوازه ؛ لأنّه معارض بوجوب الاعتقاد بالحكم الآخر الذي ثبت فيما بعد الغاية واقعا وإن لم يكن معلوما ، بل لا يعقل وجوب الاعتقاد مع الشكّ في الموضوع ، كما لا يخفى.
ولعلّ هذا الموجّه قدسسره قد وجد عبارة شرح الدروس في نسخته ـ كما وجدته في بعض نسخ شرح الوافية ـ هكذا : " وأمّا على الثاني (٢٣٥٢) فالأمر كذلك" كما لا يخفى ، لكنّي راجعت بعض نسخ شرح الدروس فوجدت لفظ" أظهر" بدل" كذلك" ، وحينئذ فظاهره مقابلة وجه الحكم بالبقاء في التخيير بوجه الحكم بالبقاء في الاقتضاء ، فلا وجه لإرجاع أحدهما إلى الآخر.
______________________________________________________
الإلزامي ، في ثبوت قاعدة الاستصحاب في كلّ منهما ، وإن كان ثبوتها في الأحكام الإلزاميّة بقاعدة الاشتغال ، وفي الأحكام التخييريّة بأصالة البراءة والإباحة.
٢٣٥١. لكونه من توابع وجوب الاعتقاد بحقية ما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله ، ولا يختلف فيه كون الحكم مطلقا أو مقيّدا بغاية.
٢٣٥٢. يعني : أنّ الموجود في بعض النسخ هكذا.