والعجب من بعض المعاصرين (٢٤) (٢٣٥٣) ؛ حيث أخذ التوجيه المذكور عن القوانين ونسبه إلى المحقق الخوانساري ، فقال : حجّة المحقّق الخوانساري أمران : الأخبار ، وأصالة الاشتغال. ثمّ أخذ في إجراء أصالة الاشتغال في الحكم التخييري بما وجّهه في القوانين ، ثمّ أخذ في الطعن عليه. وأنت خبير : بأنّ الطعن في التوجيه ، لا في حجّة المحقّق ، بل لا طعن في التوجيه أيضا ؛ لأنّ غلط النسخة ألجأه إليه.
هذا ، وقد أورد عليه السيّد الشارح (٢٣٥٤) بجريان ما ذكره من قاعدة وجوب تحصيل الامتثال في استصحاب القوم ، قال : بيانه : أنّا كما نجزم في الصورة التي فرضنا بتحقق الحكم في قطعة من الزمان ، ونشكّ أيضا حين القطع في تحقّقه في زمان يكون حدوث الغاية فيه وعدمه متساويين عندنا ، فكذلك نجزم بتحقق الحكم في زمان لا يمكن تحقّقه إلّا فيه ، ونشكّ ـ حين القطع في تحقّقه في زمان متّصل بذلك الزمان ؛ لاحتمال وجود رافع لجزء من أجزاء علّة الوجود ، وكما أنّ في الصورة الاولى يكون الدليل محتملا لأن يراد منه وجود الحكم في زمان الشكّ وأن يراد عدم وجوده ، فكذلك الدليل في الصورة التي فرضناها ، وحينئذ فنقول : لو لم يمتثل المكلّف لم يحصل الظنّ بالامتثال ... إلى آخر ما ذكره ، انتهى.
أقول : وهذا الإيراد ساقط (٢٣٥٥) عن المحقّق ؛ لعدم جريان قاعدة الاشتغال
______________________________________________________
٢٣٥٣. هو صاحب الفصول.
٢٣٥٤. لا يخفى أنّ شارح الوافية قد أورد عليه بوجهين ، أحدهما : ما نقله عنه المصنّف رحمهالله ، والآخر : أنّ تحصيل القطع أو الظنّ بالامتثال إنّما يلزم مع القطع أو الظنّ بثبوت التكليف ، وفي زمان الشكّ ليس شيء منهما حاصلا.
وفيه : أنّ جريان قاعدة الاشتغال في مورد مبنيّ على القطع بثبوت التكليف ثمّ الشكّ في الخروج من عهدته ، ولا يعتبر فيه حصول القطع أو الظنّ به في الزمان الثاني ، لكون القطع بثبوته والشكّ في الخروج من عهدته علّة تامّة لحكم العقل بوجوب الإتيان بما يحصل معه القطع بالبراءة.
٢٣٥٥. توضيحه : أنّ المحقّق الخوانساري إنّما يقول باعتبار الاستصحاب