في غير الصورة التي فرضها المحقّق ، مثلا : إذا ثبت وجوب الصوم في الجملة ، وشككنا في أنّ غايته سقوط القرص أو ميل الحمرة المشرقية ، فاللازم حينئذ ـ على ما صرّح به المحقّق المذكور في عدّة مواضع من كلماته ـ الرجوع في نفي الزائد وهو وجوب الإمساك بعد سقوط القرص إلى أصالة البراءة ؛ لعدم ثبوت التكليف بإمساك أزيد من المقدار المعلوم ، فيرجع إلى مسألة الشكّ في الجزئية ، فلا يمكن أن يقال : إنّه لو لم يمتثل التكليف لم يحصل الظنّ بالامتثال ؛ لأنّه إن اريد امتثال التكليف المعلوم فقد حصل قطعا ، وإن اريد امتثال التكليف المحتمل فتحصيله غير لازم. وهذا بخلاف فرض المحقّق ؛ فإنّ التكليف بالإمساك إلى السقوط على القول به أو ميل الحمرة على القول الآخر معلوم مبين ، وإنّما الشكّ في الإتيان به عند الشكّ في حدوث الغاية. فالفرق بين مورد استصحابه ومورد استصحاب القوم ، كالفرق بين الشكّ في إتيان الجزء المعلوم الجزئية والشك في جزئية شيء ، وقد تقرّر في محلّه جريان أصالة الاحتياط في الأول دون الثاني. وقس على ذلك سائر موارد استصحاب القوم ، كما لو ثبت أنّ للحكم غاية وشككنا في كون شيء آخر أيضا غاية له ، فإنّ المرجع في الشكّ في ثبوت الحكم بعد تحقّق ما شكّ في كونه غاية عند المحقّق الخوانساري قدسسره هي أصالة البراءة دون الاحتياط.
______________________________________________________
فيما كان الشكّ في وجود الغاية أو مصداقها الخارجي ، والمشهور يقولون به فيهما وفيما كان الشكّ في كون شيء غاية وعدمه ، وكذا فيما كان الشكّ فيه في المقتضي دون الغاية. ومرجع الشكّ على الأوّلين إلى الشكّ في تحقّق الجزء المعلوم الجزئيّة. وعلى الثالث إلى الشكّ في الجزئيّة ، كما هو واضح ممّا ذكره المصنّف رحمهالله من مثال الصوم. وعلى الرابع إلى الشكّ البدوي في التكليف ، لأنّه إذا ثبت وجوب الاجتناب عن الماء المتغيّر بالنجس ، فإذا زال التغيّر عنه من قبل نفسه ، وشكّ في وجوب الاجتناب عنه أيضا ، فالشكّ فيه ليس من الشكّ في المكلّف به في شيء ، بأن علم التكليف وتردّد المكلّف به بين أمرين فصاعدا ، لاحتمال اختصاصه بحال وجود التغيّر ، فشموله لحال زوال التغيّر مشكوك من رأس.