قوله : " الظاهر أنّ المراد من عدم نقض اليقين بالشكّ أنّه عند التعارض لا ينقض ، ومعنى التعارض أن يكون شيء يوجب اليقين لو لا الشكّ". أقول : ظاهر هذا الكلام جعل تعارض (٢٣٥٦) اليقين والشك باعتبار تعارض المقتضي لليقين ونفس الشك ، على أن
______________________________________________________
وبالجملة ، إنّه [لا](*) إشكال في وجوب الاحتياط على الأوّلين ، لأنّ ثبوت التكليف إلى غاية معيّنة مبيّنة المفهوم يقتضي اليقين بالفراغ. وكذا في جريان أصالة البراءة على الثالث ، بناء على المختار من كونها المرجع عند الشكّ في الجزئيّة والشرطيّة. وكذا على الرابع ، وهو واضح.
٢٣٥٦. توضيح ما ذكره المحقّق الخوانساري من الاستدلال بالأخبار : أنّ النقض ـ كما أسلفه المصنّف رحمهالله سابقا ـ حقيقة في رفع الهيئة الاتّصاليّة كما في نقض الحبل. ثمّ تارة يستعمل في رفع الأمر الثابت بحيث لو لا رفعه كان ثابتا ، واخرى في مطلق رفع اليد عن الشيء والبناء على عدمه ولو لعدم المقتضي له. ولا شكّ أنّ لفظ النقض في الأخبار ليس على حقيقته ، لعدم إمكان اجتماع اليقين ولا أحكامه المترتّبة عليه من حيث صفة اليقين ، مع الشكّ حتّى يكون الشكّ ناقضا له ولأحكامه. فلا بدّ أن يحمل النقض فيها على أحد المعنيين المجازيّين ، والأقرب منهما إلى الحقيقة هو الأوّل فيحمل عليه ، لتعيّنه عند تعذّر الحقيقة. فلا بدّ أن يكون المراد باليقين ما يوجبه لو لا الشكّ ، وهو الدليل المقتضي لليقين لو لا الشكّ. والمراد بنقضه رفع اليد عن مقتضاه.
فحاصل المعنى المقصود من الأخبار حينئذ : عدم جواز رفع اليد عن مقتضى الأدلّة المقتضية لليقين بالحكم لو لا الشكّ. وهذا المعنى لا يصدق إلّا فيما كان الحكم فيه ثابتا إلى غاية معيّنة في الواقع ، من دون مدخليّة للعلم والجهل فيه أصلا ، وكان الشكّ في وجود الغاية أو مصداقها الخارجي ، إذ مع الشكّ في كون شيء
__________________
(*) سقط ما بين المعقوفتين من الطبعة الحجريّة ، وإنّما أثبتناه ليستقيم المعنى.